(473) أوصل الموصي جل أمره إلى الموصى إليه، قيل: وصية. ووصى وأوصى وأمر وعهد نظائر في اللغة. وضد أوصى أهمل. والوصاة كالوصية، والوصاية مصدر التوصي. والفعل أوصيت إيصاء ووصيت توصية، في المبالغة، والكثرة وتقول: قد قبل الوصاية. وإذا انطاع المرعى للسائمة فاصابته رواعد، قبل وصى لها الرعي يصي وصيا. ووصيا. وأصل الباب: الوصية وهي الدعاء إلى الطاعة. المعنى: والهاء في قوله: " ووصى بها " يحتمل ان تعود إلى احد شيئين: احدهما إلى الملة. وقد تقدم ذكرها في قوله: " ومن يرغب عن ملة ابراهيم ". والثاني ـ ان يعود إلى الكلمة في قوله: " اسلمت لرب العالمين ". والاول أقوى، لانه مذكور في اللفظ. وهو قول الزجاج. واكثر المفسرين. والثاني حكاه البلخي وبعض اهل اللغة. وارتفع يعقوب، لانه معطوف على ابراهيم. والمعنى ووصى بها يعقوب. وبه قال ابن عباس وقتادة. وقال بعضهم: إنه على الاستئناف كأنه قال: ووصى يعقوب أن " يا بني إن الله اصطفى لكم الدين " والاول اظهر لان عليه اكثر المفسرين. " والالف واللام ". في الدين للعهد دون الاستغراق، لانه إنما اراد بذلك دين الاسلام دون غيره من الاديان. وانما أسقطت (أن) في " وصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب " أن " يا بني " واثبت في " إنا ارسلنا نوحا إلى قومه أن انذر " (1)، لان اوصى في الآية بمعنى القول، فجعل بمنزلة قولك الا تقديره تقدير القول، فيجوز حينئذ إلحاق أن. كما قال: " إنا ارسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر " ومثله " وآخر دعواهم أن الحمد لله " (2) وقوله: " فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله " (3) وكل هذا الباب يجوز فيه الوجهان: بان تقدره تقدير القول، ليكمل به تقدير الفعل الذي ليس بقول. واما قوله: " ان كان ذا ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة نوح: آية 1. (2) سورة يونس: آية 10. (3) سورة الاعراف: آية 43. (*)