(584) الله تعالى له " فاخرج منها " قال الحسن: يعني من السماء. وقال غيره: من الجنة " فانك رجيم " أي مرجوم إن رجعت اليها بمثل الشهب التي ترجم به الشياطين. وأصل الرجيم المرجوم، وهو المرمي بالحجر " وإن عليك لعنتي " يا إبليس ابعادي لك من رحمتي " إلى يوم الدين " يعني يوم القيامة الذي هو يوم الجزاء. فقال إبليس عند ذلك يا " رب فانظرني " أي اخرني " إلى يوم يبعثون " أي يوم يحشرون للحساب، وهو يوم القيامة فقال الله تعالى له " فانك من المنظرين " أي من المؤخرين " إلى يوم الوقت المعلوم " أي اليوم الذي قدر الله فيه اماتتك، فعلى هذا لا يلزم أن يكون إبليس مغرى بالقبائح لعلمه بأنه يبقى، لانه لا وقت إلا وهو يجوز أن يخترم فيه، ولا يقدر على التوبة فالزجر حاصل له. ومن قال إنه اجابه إلى يوم القيامة يقول: كما أعلمه انه يبقيه إلى يوم يبعثون، اعلمه ايضا انه من أهل النار لا محالة، وانه لا يتوب وصح مع ذلك تكليفه، لانه يلزمه بحكم العقل أن لا يفعل القبيح من حيث انه متى فعله زاد عقابه، ويضاعف على ما يستحق له وتخفيف العقاب عن النفس واجب بحكم العقل، كما يجب اسقاط العقاب جملة. ثم حكى تعالى ما قال إبليس فانه اقسم وقال " فبعزتك " يا الهي " لاغوينهم أجمعين " فالعزة القدرة التي يقهر بها غيره من القادرين، و (الاغواء) التخيب، وإبليس يغوي الخلق بأن يزين لهم القبيح ويرغبهم فيه. والغي خلاف الرشد، وهو الخيبة، يقال: أغواه يغويه إغواء، فهو مغوي إذا دعاه إلى ما فيه الخيبة. ثم استثنى من جملة من يغويهم " عباد الله المخلصين " مع حرصه على اغواء الجميع من حيث أنه يئس منهم من حيث علم انهم لا يقبلون منه ولا