(564) لغيره كان لطفا له في الدين، وأعلمه أن غيره لو سأل ذلك لم يجب اليه، لانه يكون مفسدة لغيره ولا صلاح له فيه، ولو أن احدنا صرح بمسألة بهذا الشرط بأن يقول: اللهم اجعلني ايسر اهل زماني وارزقني مالا يساويني فيه احد إذا كانت المصلحة لي في ذلك لكان هذا جائزا حسنا، ولم يكن منسوبا إلى بخل، فلا يمتنع أن يسأل النبي ايضا مثل ذلك. وقيل: انه لا يمتنع أن يسأل النبي مثل هذه المسألة من غير إذن إذا لم يكن بمحضر من قومه بعد ان يكون الشرط فيه مقدرا. وقيل فيه وجه أخر، وهو انه (عليه السلام) إنما سأل ان يكون ملكه معجزة لنبوته يبين بها من غيره ممن ليس بنبي. وقوله * (لا ينبغي لاحد من بعدي) * معناه لا ينبغي لاحد غيري ممن أنا مبعوث اليه، ولم يرد من بعدي إلى يوم القيامة من النبيين. وقيل: انه لا يمتنع ان يكون المراد انه سأل ملك الآخرة وثواب الجنة الذي لا يناله المستحق إلا بعد أنقطاع التكليف. ومعنى * (لا ينبغي لاحد من بعدي) * لا يستحقه بعد وصولي اليه أحد من حيث لا يصح أن يعمل ما يستحق به الثواب لانقطاع التكليف. ثم بين بعد ذلك انه اعطاه ما سأله فقال * (فسخرنا له الريح) * أي ذللناها له، والتسخير التذليل * (تجري بأمره) * يعني الريح تتوجه إلى حيث شاء * (رخاء) * قال قتادة معناه طيبة سريعة، وقال ابن زيد: لينة. وقال ابن عباس: مطيعة، وبه قال الضحاك والسدي والرخاء الريح: اللينة وهو رخاوة المرور سهولته ووصفت باللين، لانها إذا عصفت لم يتمكن منها، وإذا لانت أمكنت.