(557) وقيل في معناه قولان: احدهما - لهم عذاب شديد يوم الحساب بما تركوا طاعاته في الدنيا، فعلى هذا يكون يوم الحساب متعلقا ب (عذاب شديد) وهو قول عكرمة والسدي: الثاني - قال الحسن " لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب " أي بما اعرضوا عنه، صاروا بمنزلة الناسي، فيكون على هذا العامل في (يوم) قوله " نسوا ". ثم اخبر تعالى انه لم يخلق السماء والارض وما بينهما باطلا، بل خلقهما وما بينهما بالحق لغرض حكمي، وهو ما في ذلك من إظهار الحكمة وتعريض انواع الحيوان للمنافع الجليلة وتعويض العقلاء لمنافع الثواب، وذلك يفسد قول المجبرة الذين قالوا: إن كل باطل وضلال من فعل الله. وقوله " ذلك ظن الذين كفروا " معناه إن خلق السماء والارض وما بينهما باطلا ظن من يكفر بالله ويجحد وحدانيته وحكمته، ثم توعد من هذه صفته فقال " فويل للذين كفروا من النار " ثم قال على وجه التوبيخ والتقريع للكفار بلفظ الاستفهام " أم نجعل الذين آمنوا... " معناه هل نجعل الذين صدقوا بالله وأقروا برسله وعملوا الصالحات مثل الذين أفسدوا في الارض وعملوا بالمعاصي؟ ! ام هل نجعل الذين اتقوا معاصي الله خوفا من عقابه كالفجار الذين عملوا بمعاصيه وتركوا طاعته؟ ! فهذا لا يكون ابدا. وكيف يكون كذلك وهؤلاء يستحقون الثواب بطاعتهم وأولئك يستحقون العقاب بمعاصيهم. وقال ابو عبيدة: ليس لها جواب استفهام فخرجت مخرج الوعيد. وقال الزجاج: تقديره، أنجعل الذين آمنوا وعموا الصالحات كالمفسدين في الارض أم نجعل المتقين كالفجار، فهو استفهام بمعنى التقرير.