(20) على هذه القراءة أن يجتلب همزة الوصل، وهمزه الوصل لا تدخل على الافعال المضارعة، كما لا تدخل على اسماء الفاعلين. حكى الله تعالى أن السحرة لما حشروهم إلى فرعون وحضروا بين يديه قالوا له " أئن لنا لاجرا ان كنا نحن الغالبين " اي هل لنا أجر جزاء على غلبنا اياه ان غلبناه. ومن قرأ على الخبر " إن لنا " أراد انهم لتيقنهم بالاجر أخبروا بذلك. والاول أقوى لقوله " قال نعم " وذلك جواب الاستفهام. والاجر الجزاء على العمل بالخير. والجزاء على الشر يسمى عقابا، ولذلك اذا دعي لانسان قيل: آجرك الله. والمعنى أئن لنا لاجرا عند الملك؟ والغالب الذي يعلو على غيره الذي يمنع في نفسه بما يصير اليه في قبضة، فالله غالب كل شئ بمعنى أنه عال عليه لدخوله في مقدوره، لا يمكنه الخروج منه، فقال لهم فرعون في جواب ذلك: " نعم " لكم على ذلك الاجر الجزيل " وانكم " مع ما تعطون من الجزاء " اذا لمن المقربين ". والمقرب المدني من مجلس الكرامة، واختصاصه بها. ثم حكى ما قال موسى للسحرة، فانه قال لهم " ألقوا ما أنتم ملقون " وهذا بصورة الامر والمراد به التحدي، والمعنى اطرحوا ما انتم ملقوه " فالقوا حبالهم وعصيهم " أي طرحت السحرة ما كان معهم من السحر من الحبال والعصي التي سحروها وموهوا بأنها تسعى وتتحرك. وقيل: انهم جعلوا فيها زيبقا، وطرحوها في الشمس، فلما حميت بالشمس تحرك الزيبق، لانه إذا حمي من شأنه أن يصعد فتحركت لذلك الحبال والعصي، فظن الناظرون أنها تتحرك. وقالوا حين طرحوا ما معهم " بعزة فرعون " والعزة القوة التي يمتنع بها من لحاق الضيم بعلو منزلتها، وهذا القول قسم منهم وإن كان غير مبرور " إنا لنحن الغالبون " لموسى فيما أتى به " فالقى " عند ذلك " موسى عصاه فاذا هي تلقف ما يأفكون "