(6) واجتمعا مع قريش فجاؤا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسألوه عنها، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) اخبركم بذلك. وقال بعضهم: انه قال اخبركم غدا بما سألتم، ولم يستثن، وانصرفوا عن النبي (صلى الله عليه وآله) فمكث رسول الله خمس عشرة ليلة لا ينزل الله اليه في ذلك وحيا، ولا يأتيه جبرائيل (ع) حتى اوجف أهل مكة، وتكلموا في ذلك، فشق ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله عليه جبرائيل ومعه (سورة الكهف) يخبره فيها عما سألوه عنه من أمر الفتية، والرجل الطواف، وانزل عليه " ويسألونك عن الروح... " (1) الآية. فروى ابن إسحاق أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفتتح السورة، فقال " الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما " أي معتدلا، لا اختلاف فيه. وقوله " لينذر بأسا شديدا من لدنه، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم اجرا حسنا ماكثين فيه ابدا " معناه أنزل على عبده القرآن معتدلا مستقيما لا عوج فيه، لينذركم أيها الناس بأسا شديدا من أمر الله. ومعنى البأس العذاب العاجل والنكال الحاضر، والسطوة. ومعنى " من لدنه " من عند الله، وهو قول ابن اسحاق، وقتادة. ومفعول " لينذر " محذوف، لدلالة الكلام عليه، وتقديره: لينذركم بأسا كلما قال " يخوف أولياءه " (2) وتقديره يخوفكم أولياءه، ومعنى " ويبشر المؤمنين " يعني المصدقين بالله ورسوله " الذين يعملون الصالحات " يعني ما أمرهم الله به من الطاعات، وهي الاعمال الصالحات، والانتهاء عما نهاهم عنه " أن لهم اجرا حسنا " يعني ثوابا جزيلا من الله على ايمانهم بالله ورسوله، وعملهم في الدنيا بالطاعات واجتناب المعاصي، وذلك الثواب هو الجنة. وقوله " ما كثين فيه أبدا " أي لابثين فيه ابدا خالدين مؤبدين لا ينتقلون ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة 17 الاسرى آية 85 (2) سورة 3 آل عمران آية 175