(530) قوله " وبالحق أنزلناه " يعني القرآن أنزله الله يأمر فيه بالعدل وبالانصاف، والاخلاق والجميلة والامور الحسنة الحميدة، وينهي فيه من الظلم وأنواع القبائح والاخلاق الذميمة. " وبالحق نزل " معناه بما ذكرناه من فنون الحق نزل القرآن من عندالله على نبيه صلى الله عليه وسلم. قال البلخي: يجوز أن يكون أراد موسى، ويكون ذلك كقوله " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد " (1) ويجوز أن يكون أراد الآيات فكنى عنها بالهاء وحدها، دون الهاء والالف، ويريد أنزلنا ذلك، كماقال أبو عبيدة قال أنشدني رؤبة: فيه خطوط من سواد وبلق * كأنه في العين توليع البهق (2) فقلت له: إن أردت الخطوط فقل كأنها، وإن أردت السواد والبياض فقل كأنهما، قال: فقال لي: كأن ذلك وتلك. ثم قال " وما أرسلناك " يامحمد " إلا مبشرا " للمطيعين بالجنة " ونذيرا " أي مخوفا للعصاة من النار. وقوله " وقرآنا فرقنا " قرأه أهل الابصار بالتخفيف. وحكي عن ابن عباس بتشديد الراء، بمعنى نزلناه شيئا بعد شئ، آية بعد آية، وقصة بعد قصة. ومعنى " فرقناه " فصلنا فيه الحلال والحرام، وميزنا بينهما، وهو قول ابن عباس. وقال أبي بن كعب معناه بيناه. وقال الحسن وقتادة: فرق الله فيه بين الحق والباطل. ومن قرأ بالتشديد، قال ابن عباس وقتادة وابن زيد: إن معناه أنزل متفرقا لم ينزل جميعا، وكان بين أوله وآخره نحو من عشرين سنة. ونصب " قرآنا " على معنى وأحكمنا قرآنا " فرقناه " أو آتيناك قرآنا. وقال بعضهم: نصب بمعنى ورحمة كأنه قال " وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا " ورحمة، قال لان القرآن رحمة. وقوله " لتقرأه على الناس على مكث " معناه على توئدة، فترتله وتبينه ولاتعجل ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة 57 الحديد آية 25 (2) مرهذا الرجز في 1 / 296