(521) وانما تتبع المصالح، ولو تبعت الشهوات لكان كل واحد يقترح غير مايقترحه الآخر فيؤدي إلى الفساد. قوله تعالى: (ومامنع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا (94) قل لو كان في الارض ملئكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا (95) قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) (96) ثلاث آيات بلاخلاف. يقول الله تعالى وماصرف الناس، يعنى المشركين الذين لم يؤمنوا، وانما أخبر عنه بالمنع مبالغة له في الصرف، لان المنع يستحيل معه الفعل، والصرف يمكن معه الفعل، لكنه لشدة صرفه شبه بالمنع. وقوله " أن يؤمنوا " اي ماصرفهم عن التصديق بالله ورسوله حين جاءهم الهدى، يعنى الحجج والبينات، وطريق الحق إلا قولهم " أبعث الله بشرا رسولا " فدخلت عليهم الشبهة في أنه لايجوز من الله أن يبعث رسولا إلا من الملائكة، كمادخلت عليهم الشبهة في أن عبادتهم لاتصلح لله، فوجهوها إلى الاصنام، فعظموا الله تعالى بجهلم، بماليس فيه تعظيم. وهذافاسد، لان تعظيم الله إنما يكون بأن يشكر على نعمته بغاية الشكر ويحمدغاية الحمد، ويضاف اليه الحق دون الباطل، وهم عكسوا فأضافوا الباطل اليه ومايتعالى عن فعله أو إرادته. وإنما عدلوا عن الهدى إلى الضلال تقليدا لرؤسائهم. واعتقادا للجهل بالشبهة. فان قيل لم جاز ان يرسل الله إلى النبي - وهو من البشر - ملكا ليس من جنسه؟ ولم يجز أن يرسل إلى غير النبي مثل ذلك؟ !