(486) اعلم الله نوحافي هذه الاية ان وقت هلاك قومه الكفار فور التنور، وفي (التنور) اقوال: منها أن الماء اذا فار من التنور الذي يخبز فيه. وقيل: التنور عين ماء معروفة، وتنور الخابزة وافقت فيه لغة العرب العجم. وقيل: ان التنور وجه الارض، ذكره ابن عباس، واختاره الزجاج. وقيل التنور تنور الصبح، وروي ذلك عن علي (عليه السلام). و (حتى) متعلقة بقوله " واصنع الفلك بأعيننا ووحينا.. حتى ". أخبر الله تعالى أنه لما جاء أمره باهلاك قوم نوح (عليه السلام) لاستحقاقهم ذلك بالكفر، وفار التنور يعني خروج الماء من موضع لم يعهد خروجه منه علامة لنوح (عليه السلام) وهو تنور الخبز - في قول ابن عباس والحسن ومجاهد - وقيل: هو تنور آدم (عليه السلام) ويقال: فار إذا ارتفع ما فيه، كما يفور القدر بالغليان، فار يفور فورا وفؤرا. وقال ابن عباس: فار إذا نبع. وقوله " قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين " إخبار منه تعالى أنه أمر نوحا أن يحمل معه في سفينته من كل جنس زوجين: والزوج واحد له شكل إلا أنه قد كثر على الرجل الذي له امرأة: قال الحسن: في قوله " من كل شئ خلقنا زوجين " فالسماء زوج، والارض زوج والشتاء زوج، والصيف زوج، والليل زوج، والنهار زوج، حتى يصير الامر إلى الله الفرد الذي لا يشبهه شئ قال الاعشى: وكل زوج من الديباج يلبسه * أبوقدامة محبوا بذاك معا (1) وقوله " وأهلك " معناه واحمل معك أهلك " الا من سبق عليه القول " بالاهلاك قال الضحاك وابن جريح: هو ابنه وامرأته. وقوله " ومن آمن " تقديره واحمل من آمن. ثم أخبر تعالى فقال " وما آمن معه الا قليل ". قال ابن جريح: القليل الذين نجو معه كانوا ثمانية. وقال الاعمش: كانوا سبعة، وقال ابن عباس: كانوا ثمانين، وكان فيهم ثلاثة: بنيه: يافث، وسام، وحام. وثلاث كائن له ـــــــــــــــــــــــ (1) ديوانه 86 وتفسير القرطبي 9 / 35 (*)