(550) مانبهه عليه هارون من خوف التهمة، ودخول الشبهة عليهم بجره رأسه اليه - بأن يغفر له ولاخيه، وأن يدخلهما رحمته، والمقتضي لهذا الدعاء بالمغفرة قيل فيه قولان: أحدهما - ماأظهره من الموجدة على هارون وهو برئ مما يوجب العتب عليه، لانه لم يكن منه تقصير في الانكار على من عبد العجل، لانه بلغ معهم من الانكار إلى أن هموا بقتله لشدة إنكاره، ولذلك قال " إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ". والثاني - قال أبوعلي: إنه بين بذلك لبني اسرائيل أنه لم يأخذ برأسه على جهة الغضب عليه، وإنما فعل ذلك كما يفعله الانسان بنفسه عند شدة غضبه على غيره، ولم يكن منه في تلك الحال معصية. وكان هذا الدعاء من موسى انقطاعا منه إلى الله تعالى، وتقربا اليه لا أنه كان وقع منه أو من أخيه قبيح صغير أو كبير يحتاج أن يستغفر منه، ومن قال: إنه استغفر من صغيرة كانت منه أو من أخيه، فقد أخطأ. ويقال له: الصغيرة على مذهبكم تقع مكفرة محبطة، فلا معنى لسؤال المغفرة لها. وقد بينا في غير موضع أن الانبياء (ع) لايجوز عليهم شئ من القبائح لا كبيرها ولا صغيرها لان ذلك يؤدي إلى التنفير عن قبول قولهم، والانبياء منزهون عما ينفر عنهم على كل حال. وقوله " وأنت أرحم الراحمين " اعتراف من موسى بأن الله تعالى أرحم الراحمين وإعترافه بذلك دليل على قوة طمعه في نجاح طلبته، ولان من هو أرحم الراحمين يؤمل الرحمة من جهته ومن هو أجود الاجودين يؤمل الجود من قبله. قوله تعالى: إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحيوة الدنيا وكذلك نجزي المفترين (151) آية بلاخلاف