(542) وصرفه تصريفا، وتصرف تصرفا، وصارفه مصارفة، انصرف انصرافا. وقوله تعالى " الذين يتكبرون في الارض " والتكبر اظهار كبر النفس على غيرها، وصفة متكبر صفة ذم في جميع البشر، وهو مدح في صفات الله تعالى، لانه يستحق اظهار الكبر على كل شئ سواه، لان ذلك حق، وهذا المعنى في صفة غيره باطل، فمعنى الاية الاخبار من الله انه يصرف عن ثواب آياته " الذين يتكبرون في الارض بغير الحق وان يروا كل آية لايؤمنوا بها " يعني الذين اذا شاهدوا الحجج والبراهين لاينقادون لها، ولايصدقون بها " وان يروا سبيل الرشد لايتخذوه سبيلا " ومعناه انهم متى رأوا سبيل الصلاح عدلوا عنه، ولم يتخذوه طريقا لهم بمعنى انهم لايعملون بذلك " وان يروا سبيل الغي.. " يعني وان يروا ضد الرشد من الكفر والضلال سلكوه وارتكبوا معصية الله في ذلك. وقوله تعالى " ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا " يحتمل ذلك أن يكون في موضع رفع أي امرهم ذلك، ويحتمل ان يكون نصبا أي فعلنا بهم ذلك، لانهم تكبروا وكذبوا، ومعناه: أفعل ذلك بهم، يعني صرفي لهم عن ثواب الايات الجزيل والمنزلة الجليلة. ومن قال من المجبرة: ان الله تعالى يصرفه عن الايمان قوله باطل، لانه تعالى لايجوز ان يصرف احداعن الايمان، لانه لو صرفه عنه ثم أمره به لكان كلفه مالايطيقه، وذلك لايجوز عليه تعالى. وأيضا فان الله تعالى بين انه يصرفهم عن ذلك في المستقبل، جزاء لهم على كفرهم الذي كفروا، فكيف يكون ذلك صرفا عن الايمان ! وقيل: إن معنى الاية أي سأصرف عن آياتي، ولاأظهرها لهم كما أظهرتها للمؤمنين، ويريد بذلك المعجزات الباهرات، لعلمي بأن إظهارها مفسدة لهم يزدادون عندها كفرا، تبين ذلك في قوله تعالى " وان يروا سبيل الرشد لايتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ".