(532) الثالث - قال أبوجعفر (ع) كان أول ماقال لهم: إني أتأخر عنكم ثلاثين يوما، ليسهل عليهم، ثم زاد عليهم عشرا، وليس في ذلك كذب، لانه إذا تأخر عنهم أربعين ليلة، فقد تأخر ثلاثين قبلها. وقال الحسن كان الموعد أربعين ليلة في أصل الوعد، فقال في البقرة " واعدنا موسى أربعين ليلة " (1) وفصله - ههنا - على وجه التأكيد فقال ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر. وقوله تعالى " فتم ميقات ربه أربعين ليلة " ومعناه فتم الميقات أربعين ليلة، وإنما قال ذلك مع أن ماتقدم دل على هذا العدد، لانه لو لم يورد الجملة بعد التفصيل وهوالذي يسميه الكتاب الفذلكة، لظن قوله " وأتممناها بعشر " أي كملنا الثلاثين بعشر حتى كملت ثلاثين، كما يقال: تممت العشرة بدرهمين وسلمتها اليه. وقيل في معنى قوله تعالى " واعدنا موسى ثلاثين ليلة " ينفرد فيها للعبادة في المكان الذي وقت له ثم أتم الاربعين. والفرق بين الميقات والوقت أن الميقات ماقدر ليعمل فيه عمل من الاعمال والوقت وقت الشئ قدره مقدر أولم يقدره، ولذلك قيل: مواقيت الحج وهي المواضع التي قدرت للاحرام بها. وقوله تعالى " وقال موسى لاخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين " الذين يفسدون في الارض، وانما أمره بذلك مع أنه نبي مرسل، لان الرياسة كانت لموسى (ع) على هارون وجميع أمته، ولم يكن يجوز أن يقول هارون لموسى مثل ذلك. وقال أبوعلي: السبعون الذين اختارهم موسى الميقات كانوا معه في هذا الخروج، وسمعوا كلام الله لموسى (ع) وكانوا شهدوا له بذلك. وقوله " هارون " في موضع جر، لانه بدل من قوله (لاخيه) وإنما فتح لانه لاينصرف، ولو رفع على النداء كان جائزا ولم يقرأ به أحد. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة 2 البقرة آية 51.