(525) وقوله تعالى " بأنهم كذبوا بآياتنا " معناه إنا فعلنا بهم ذلك جزاء بما كذبوا من آيات الله وحججه وبراهينه الدالة على نبوة موسى وصدقه " وكانوا عنها غافلين " معناه أنهم أنزل عليهم العذاب وكانوا غافلين عن نزول ذلك بهم. والغفلة حال تعتري النفس تنافى الفطنة واليقظة تقول: غفل يغفل غفولا، وغفلا وغفلة، وتغافل تغافلا وأغفل الامر إغفالا، واستغفله استغفالا، واغتفله اغتفالا وتغفل تغفلا، وغفله تغفيلا وهو مغفل. فإن قيل كيف جاء الوعيد على الغفلة، وليست من فعل البشر؟ ! قلنا عنه ثلاثة أجوبة: أحدها - أنهم تعرضوا لها حتى صاروا، لايفطنون بها. الثاني - أن الوعيد على الاعراض عن الايات حتى صاروا كالغافلين عنها. الثالث - أن المعنى وكانوا عن النعمة غافلين ودل عليه (انتقمنا). قوله تعالى: وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ماكان يصنع فرعون وقومه وماكانوا يعرشون (136). آية في الكوفي والبصري، وفي المدنيين آيتان آخر الاولى " بني اسرائيل " قرأ ابن عامر وأبوبكر عن عاصم " يعرشون " بضم الراء. الباقون بكسرها، وهما لغتان فصيحتان: الكسر والضم، والكسر أفصح. أخبر الله تعالى في هذه الاية أنه أورث الارض مشارقها ومغاربها الذين استضعفوا في يدي فرعون وقومه. وإنما أورثهم بأن أهلك من كان فيها ومكن هؤلاء، وحكم بأن لهم أن يتصرفوا فيها على ماأباحه الله تعالى لهم. والاستضعاف طلب الضعف بالاستطالة والقهر. وقد استعمل استضعفته بمعنى