(518) والسلامة. و (السيئة) النقمة من الجدب وضيق الرزق والمرض والبلاء، وفيه ضرب من المجاز، لان حقيقة الحسنة ماحسن من الفعل في العقل، والسيئة ماقبح من الفعل، وإنما شبه هذا بذلك، لتقبل العقل لهذا كتقبل الطبع لذلك. وقال قوم: هومشترك لظهور العلم في ذلك في الناس جميعا على منزلة سواء. أخبرالله تعالى عن قوم فرعون أنه إذا جاءهم الخصب والسعة والنعمة من الله " قالوا لنا هذه " والمعنى إنا نستحق ذلك على العادة الجارية لنا من نعمنا وسعة أرزاقنا في بلادنا، ولم يعلموا أنه من الله فيشكروه عليه ويؤدوا حق النعمة، لئلا يسلبهم الله إياها. وقوله " وإن تصبهم سيئة " يعني جدب وقحط وبلاء " يطيروا بموسى ومن معه " والمعنى إنهم تشاءموا بهم، وهو قول الحسن ومجاهد، وابن زيد، لان العرب كانت تزجر الطير، فتتشاءم بالبارح وهو الذي يأتي من جهة الشمال، وتتبرك بالسانح، وهوالذي يأتي من جهة اليمين، قال الشاعر: زجرت لها طير الشمال فإن يكن * هواك الذي يهوى يصبك اجتنابها (1) وقال آخر: فقلت غراب لااغتراب من النوى * وبان لبين ذي العيافة والزجر وأصل الطائر النصيب، يقال: طار له من القسم كذا وكذا، وأنشد ابن الاعرابي: واني لست منك ولست مني * اذا ماطار من مالي الثمين أي أخذت الزوجة ثمنها من ميراثه. وقوله تعالى " ألا إنما طائرهم عندالله " معناه إن الله هو الذي يأتي بطائر البركة وطائر الشؤم، من الخير والشر والنفع والضر، فلو عقلوا طلبوا الخير من جهته، والسلامة من الشر من قبله. ـــــــــــــــــــــــ (1) اللسان (طير) وروايته (لهم) بدل (لها).