(509) لظهور الحق، فقال لهم " آمنتم به؟ " وانما قال لهم ذلك، لانه توهم أن الاقدام على خلاف الملك بماعمل قبل الاذن فيه منكر يقتضي سطوة الملك بصاحبه والتنكيل به، وعندنا أن فرعون لم يعرف الله قط معرفة يستحق بها الثواب. وقال الرماني: لايمتنع أن يكون عارفا بالله، وإنما قال هذا القول تمويها على قومه والمتحذير من مثل حال السحرة الذين أقدموا على المخالفة له في الايمان بموسى (ع). وقوله تعالى " إن هذا لمكر مكر تموه في المدينة " معناه تواطأتم على هذا الامر لتستولوا على العباد والبلاد، فتخرجوا من المدينة أهلها وتتغلبوا عليها، والمكر قيل الاغترار بالحيلة إلى خلاف جهة الاستقامة وأصله الفتل والالتفاف كماقال ذو الرمة. عجزاء ممكورة خمصانة قلق * عنها الوشاح وثم الجسم والعصب (1) والمكر والخدع نظائر في اللغة، وقوله " فسوف تعلمون " تهديد من فرعون لهم وتخويف من مخالفته، وإنما هدد فرعون ب (سوف تعلم)، لان فيه معنى أقدمت بالجهل على سبب الشر، فسوف تعلم حين يظهر مسببه الذي أدى اليه كيف كانت منزلته، فهو أبلغ من الافصاح به. وقوله " لاقطعن أيديكم " فالتقطيع تكثير القطع ونظيره التفصيل والتفريق، ونقيضه التوصيل تقول: قطع قطعا وأقطع اقطاعا، وقطع تقطيعا وتقطع تقطعا واقتطع اقتطاعا وتقاطع تقاطعا واستقطع واستقطاعا وقاطع مقاطعة وانقطع انقطاعا. والايدي جمع يد، وهي الجارحة المخصوصة، واليد النعمة، لانها تسدي إلى صاحبها باليد. والارجل جمع رجل وهي الجارحة التي يمشي بها من يمين وشمال. والراجل خلاف الراكب وترجل الانسان اذا نزل عن دابته واقفا على رجله، ورجله غيره، وارتجل القول ارتجالا إذا كان فيه كالراجل الذي لم يستعن بركوب غيره. ورجل الشعر إذا سرحه حاطا له ـــــــــــــــــــــــ (1) سيأتي في 5 / 128 وهو في مقاييس اللغة 4 / 233.