(507) و (العالم) كل أمة من الحيوان وجمعة العالمون على تغليب مايعقل، وهو مأخوذ من العلم، لكنه كثر في استعمال أهل النظر على أنه لجميع ما أحاط به الفلك من الاجسام المتصرفة في الاحوال، وقال قوم (عالم) لايقع إلا لجماعة العقلاء. وقد بينا ذلك في فاتحة الكتاب. وقوله " رب موسى وهارون " إنما خص موسى وهارون بالذكر بعد دخولهما في الجملة من " آمنا برب العالمين " لامرين: أحدهما - أن فيه معنى الذي دعا إلى الايمان موسى وهارون. الثاني - خصا بالذكر لشرف ذكرهما على غيرهما على طريق المدحة لهما والتعظيم. والرب بالاطلاق لايطلق إلا على الله تعالى، لانه يقتضي أنه رب كل شئ يصح ملكه، وفي الناس يقال: رب الدار ورب الفرس، ومثله (خالق) لايطلق إلا فيه تعالى، وفى غيره يقيد، يقال خالق الاديم. قال الرماني: وإنما جاز نبيان في وقت ولم يجز إمامان في وقت، لان الامام لماكان يقام بالاجتهاد كانت إمامة الواحد أبعد من المناقشة واختلاف الكلمة وأقرب إلى الالفة ورجوع التدبير إلى رضا الجميع. وهذا الذي ذكره غير صحيح، لان العقل غير دال على أن الامام يجب أن يكون واحدا كما أنه غير دال على أنه يجب أن يكون النبي واحدا، وإنما علم بالشرع أنه لايكون الامام في العصر الواحد إلا واحدا كما علمنا أنه لم يكن في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) نبي آخر، واستوى الامران في هذا الباب. قوله تعالى: قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون (122) لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لاصلبنكم أجمعين (123) آيتان بلاخلاف.