(15) مطيع لله، وان لم يكن هناك أمر على أن من امتثل الامر إنما سمي مطيعا لموافقة الارادة المرغبة من حيث أن الامر لايكون أمرا إلا بارادة المأمور به، والطاعة تكون بمتابعة الواجب والندب معا، لان الارادة تتناولها الاعراب، والحجة، واللغة، والمعنى: وقوله: (إن تطيعوا) جزم بأنه شرط. وقوله: " يردوكم " جزم بأنه جواب الشرط. وقوله: " فتنقلبوا " جزم بالعطف عليه. وقوله: " خاسرين " نصب على الحال. وقوله: " بل الله " فحقيقة (بل) الاضراب عن الاول إلى الثاني سواء كانا موجبين أو نفيين أو احداهما موجبا والآخر نفيا قول: جاء زيد بل عمرو، وما جاء زيد بل عمرو لم يجئ، وما أتى زيد بل خالد. فان قيل: كيف عطف ببل وهي لا تشرك الثاني مع الاول في المعنى؟ قلنا: لان الاضراب عن الاول كالبدل، ولذلك وجب العطف بالاشراك في الاعراب كما يجب في البدل غير أن البدل لم يحتج إلى حرف، لان الثاني هو الاول أو في تقدير ما هو كالاول، و (لكن) للاستدراك أيضا، وهو يقتضي نفيا إما متقدما أو متأخرا كقولك ما جاءني زيد، لكن عمرو، وجاء زيد لكن عمرو لم يأت، وبهذا فارقت بل. وقوله: " بل الله " كان يجوز النصب في (الله) قال الفراء: على معنى أطيعوا الله مولاكم، لان قبله " إن تطيعوا " ثم أضرب عن الاول وأوجب الثاني بل أطيعوا الله (مولاكم). والرفع يحتمل أن يكون على الابتداء ومولاكم خبره، ويحتمل أن يكون مولاكم مبتدأ، و (الله) خبره، وقد قدم عليه. ومعنى مولاكم أي هو أولى بطاعتكم ونصرتكم. وقيل معناه وليكم بالنصرة بدلالة قوله: " هو خير الناصرين " والاصل فيه، ولي الشئ الشئ من غير فصل بينه وبينه، فالولاية إيلاء النصرة، ويجوز لانه يتولى فعل النصرة، وان لم يكله إلى غيره، لان من فعل شيئا فقد تولى فعله. فان قيل: كيف قال " وهو خير الناصرين " مع أنه لا يعتد بنصر غير الله مع نصرته؟ قيل: معناه إنه إن اعتد بنصرة غير الله فنصرة