(12) المعنى واللغة: هذا إخبار عن الربيين الذين ذكرهم في الآية الاولى بأنهم كانوا يقولون في أكثر أحوالهم " ربنا اغفر لنا ذنوبنا " لان من المعلوم أنهم قد كانوا يقولون أقوالا غير هذا، لكن لما كان هذا هو الاكثر لم يعتد بذلك. وقيل: معناه وما كان قولهم حين قتل نبيهم إلا هذا القول انقطاعا إلى الله وطلبا لمغفرته. وقوله: " اغفرلنا ذنوبنا " أي استرها علينا بترك عقابنا، ومجازاتنا عليها " واسرافنا في امرنا " فالاسراف هو مجاوزة المقدار الذي تقتضيه الحكمة. والاسراف مذموم، كما أن الاقتار مذموم، كما قال تعالى: " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط " (1) وكما قال " والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " (2) والاسراف، والافراط بمعنى، وضدهما التقصير والتقتير. وقيل الاسراف مجاوزة الحق إلى الباطل بزيادة أو نقصان والاول أظهر. وأصل الاسراف مجاوزة الحد يقال: سرفت القوم إذا جاوزتهم، وأنت لا تعرف مكانهم وسرفت الشئ إذا نسيته لانك جاوزته إلى غيره بالسهو عنه. ويقال: أصنع من سرفة، وهي دويبة صغيرة تنقب الشجر، وتبني فيه بيتا. إن قيل: كيف قوبل الذنوب والاسراف في الامر؟ قلنا: قال الضحاك: هو بمنزلة اغفر لنا الصغير والكبير من خطايانا. الاعراب، والمعنى: و " قولهم " نصب بأنه خبر (كل) والاسم (أن قالوا)، وانما اختير ذلك، لان ما بعد الايجاب معرفة، فهو أحق بأن يكون الاسم، كقول الشاعر: وقد علم الاقوام ما كان داءها * بثهلان إلا الخزي ممن يقودها (3) ــــــــــــــــــ " 1 " سورة الاسرى آية: 29 " 2 " سورة الفرقان آية: 67. " 3 " سيبويه 1: 24 ولم ينسبه. يصف كتيبة منهزمة يقول: لم يكن سبب انهزامها الا جبن من يقودها، فجعل الخزي كناية عن الجبن.