(16) الذي يخرج بالقرآن عن مهمته الأولى والأساسية ؛ فهو كتاب هداية وتشريع لا كتاب صناعة وتقنيات، مع دعوته للتفكر والتدبر في بدائع السماوات والأرض (1). 4 ـ الإعجاز الصوتي: ويتمثل في جزء منه في الحروف المقطعة بفواتح بعض السور القرآنية، فهي حالة فريدة من الاستعمال وقف عندها العرب موقف المتحير، ولا سابق عهد لهم بأصدائها الصوتية، مما قطعوا به أن هذه الأصوات المركبة من جنس حروفهم هي نفسها التي تركب منها القرآن ولكن لا يستطيعون أن يأتوا بمثله. وهو ما أفردنا بعمل مستقل (2). 5 ـ الإعجاز العددي، وقد وفق الأستاذ عبد الرزاق نوفل إلى اشتعراء الإعجاز العددي في القرآن، في مقارنات سليمة، وموازنات حسابية دقيقة، فقد قام بعمليات إحصائية لورود الألفاظ المتناظرة، والمتقابلة، والمتضادة، والمتناقضة، وقابلها بعضها ببعض بالعدد نفسه، أو نصيفه، أو شطره، أو ما يقاربه، مما شكل ثروة عددية تنبئ بالضرورة أن القرآن لم يستعملها صدفة، بل بميزان، وذلك الميزان لا يمكن أن يكون من صنع البشر، فهو إذن من أدلة إعجازه (3). 6 ـ الإعجاز الاجتماعي: إن المتمرس بتأريخ الجزيرة العربية، في بدء الرسالة الاسلامية ليبهر ـ حقاً ـ بهذا التوحيد المفاجئ، والتغيير الاجتماعي العاجل، والتسخير لطاقات العرب في ظل القرآن حتى جعل منهم أمة تحمل هذه الرسالة للأجيال، فتتناسى حروبها وشحنائها، وتضرب صفحاً عن عرقيتها وعشائريتها، لتنتظم في ظل الاسلام وتهتدي بشعلة القرآن، فيفتح الله على يديها شرق الأرض وغربها، وتتسلم مقاليد الاسلام بعد الوثنية، وأولية التوحيد بعد الإشراك وإذا بكيانها ينصهر بتعاليم القرآن فجأة، وهو ما يحقق ____________ (1) للتفصيل في الاعجاز العلمي ظ: طفطفاوي جوهري / تفسير الجواهر. (2) لتفاصيل هذه النظرية ظ: بحثنا: الصوت اللغوي في فواتح السور القرآنية. (3) ظ: عبد الرزاق نوفل، الاعجاز العددي في القرآن الكريم.