(10) بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم الاعجاز بمفهوم بديهي: عبارة عن خرق لنواميس الكون، وتغيير في قوانين الطبيعة، وقلب للنظام الثابت في الموازين إلى نظام متحول جديد. فالثابت هو الأصل الجاري على سنن الحياة، والمتحول هو الحالة المغايرة لأنظمة المعادلات الكونية المتكافئة. هناك إذن مَعْلَمات: معلم طبيعي بسيط، ومعلم خارق معقد، والمعلم الطبيعي لا تجد عنه متحولاً، فهو سنة الله في الإبداع والمعلم الخارق ما تجد فيه قلباً لتك السنن، ومجابهة لمجريات الأحداث الرتيبة، بأخرى إعجازية. فزوجية الكائنات هي الأصل في بعث حقائق الأشياء، والطريق إلى تسيير حياة الكائنات في العوالم المرئية والمسموعة والمدركة والمتخيلة بدليل قوله تعالى: ( سُبْحاَنَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ * ) (1). وفي هذا الضوء يكون الايجاد الطبيعي للإنسان منسجماً مع نظام الزوجية العام في حالة متأصلة إعتيادية، ويكون الأصل التكويني للبشرية في خلق آدم من التراب دون الطريق الطبيعي في التناسل هو الحالة الفريدة، وهي الاعجاز، ويحمل عليها كلما قابل العادة، ولم يخضع إلى التجربة كما في إيجاد عيسى عليه السلام بما مثله القرآن: ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * ) (2). وليس السبق في العلم إعجاز بل هو من مفردات إكتشاف المجهول، ____________ (1) يس: 36. (2) آل عمران: 59.