[4] . كل هذه التفاسير القرآنية لماذا؟! والمفسرون "الفلاسفة" من البُعد الفلسفي، و "المؤرخون" نظروا لأبعاده التاريخية، "والمطلعون على العلوم الطبيعية" يتحدثون عن كشف القرآن النقاب عن اَسرار العالم، و "معلمو الأخلاق " يبحثون ويفسرون القرآن من بُعد برامجه التربوية المؤثرة، و "الفقهاء والحقوقيون" يتناولون القضايا الحقوقية وآيات الأحكام فيه، ويتحدث "المتكلمون" عن المعارف القرآنية السامية على صعيد المبدأ والمعاد. والخلاصة هي "كلٌ يتحرّق بِنَوع من التحرق في هموم الحبيب". وإننا لا نعرف من نظر إلى القرآن وفسره من كل إبعاده، إذ لا يمكن لأي إنسان أن يتخصص في جميع العلوم والفنون. 2 ـ إن القرآن بمثابة البحر اللامتناهي الذي يصل كل واحد من المفسرين إلى حد معيّن مِنْ عمقه ويعود ببعض الجواهر. في زمان ما لم يكن الغواصون ليبحثوا عن "اللؤلؤ" و "المجوهرات" في بحار العالم إلاّ ضمن عمق قليل جداً. ولكن كلما إكتملت المعدات للغوص في البحار إستطاعوا أن يصلوا إلى مواطيء أعمق ويكتشفوا عوالم جديدة ويظفروا بجواهر ومعادن باكرة. وهكذا فانه كلما إرتفع مستوى الفكر والعلوم الإنسانية بمرور الزمان كان المحققون والمفسرون على إستعداد أكثر للغوص في أعماق الكلام الألهي، والظفر بجواهر جديدة. وكما نعلم فليس من الممكن تصور نقطة نهاية لهذه الجهود، لأن الكلام الالهي كذاته الطاهرة (ذات الله) غير متناه. وهذه هي أسباب تنوع وكثرة التفاسير. 3 ـ أضف إلى ذلك أن إكتشاف الحقائق يحصل دائماً باصطدام الأفكار مع بعضها كما تقدح الشرارة من إصطدام الحجر والفولاذ. إذن يجب أن لا نخشى أبداً من تعدد وكثرة كتب التفسير، بل إنها من نقاط القوة المهمة التي يجب أن تستمر. * * * وإننا لمسنا هذه الحقيقة جيداً بعد أن ولجنا في التفسير الموضوعي، لأننا