( 27 ) القرآن بما يعد من أروع البحوث المنجزة في الموضوع ، وستقرأه في جزئيات متناثرة في هذا الكتاب ، قد سبق الى نقطتين مهمتين في خدمة مجاز القرآن : الأولى : إشارته منذ عهد مبكر الى مسألة الطعن على القرآن في وقوع المجاز فيه ، ومناقشته ذلك ورده على الطاعنين بالموروث المجازي عند العرب وفي القرآن الكريم . الثانية : إيراده مفردات علمي المعاني والبيان في صدر كتابه بأسمائها الاصطلاحية الدقيقة التي تعارف عليها المتأخرون عن عصره ، وإن استخدام كلمة المجاز بمفهومها العام(1) . وزيادة على ما تقدم فقد جعل المجاز قسيما للحقيقة ، لأنه قسم الكلام الى حقيقة ومجاز(2) . وذهب الى أن أكثر الكلام إنما يقع في باب الاستعارة(3) . وهكذا شأن كل ما هو أصيل أن يعطيك الدقة قدر المستطاع . 2 ـ وليس جديدا أن يكون أبو الحسن الشريف الرضي ( ت : 406 هـ ) عالما موسوعيا في المجاز بعامة ، والمجاز النبوي والقرآني بخاصة ، فقد كان ضليعا ببلاغة العرب ، وعلوم القرآن ، واللغة ، والشعر ، والنثر ، وحسن اختياره لطائفة هائلة من خطب وحكم ورسائل أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام ، وتسميته لذلك بـ " نهج البلاغة "(4) وتعليقاته وشروحه ووقفاته ولمساته البلاغية عليه ، دليل ريادته الأولى في الفن البلاغي ، وتمرسه الاستقرائي لأبعاده المختلفة . وكتابه القيم تلخيص البيان في مجازات القرآن "(5) حافل بالمجاز ____________ (1) ظ : ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن : 15 . (2) المصدر نفسه : 78 . (3) المصدر نفسه : 101 . (4) طبع مستقلا بتحقيق محمد عبده ، وطبع بشرح ابن أبي الحديد بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم . (5) حققه الأستاد محمد عبد الغني حسن ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ، 1955 .