( 620 ) وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاَء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً * أُولَئِكَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً).(1). (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّة رَسُولاً أَنْ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).(2). (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى).(3). أجل انّ القرآن ـ كما رأيت ـ يحذر من الركون إلى الطاغوت والميل إليه، فضلاً عن طاعته وتسليم المقدّرات إليه. إنّ هذه الحقيقة تتجلّى من ملاحظة الآيتين الأُوليين، المذكورتين في مطلع هذا الصنف، فالآية الأُولى تأمر باتّباع اللّه ورسوله وأُولي الأمر في المجتمع الإسلامي، وأنّه إذا حدث حادث يجب ردّه إلى اللّه والرسول لا إلى غيرهم، ثم يندد بالذين يتحاكمون إلى الطاغوت رغم ادّعائهم الإيمان بالكتب السماوية. ويا للأسف هل سلك مجتمعنا الإسلامي ـ في القرن الأخير ـ غير هذا الطريق الوبي؟ وهل اتبع غير الأنظمة البشرية، وحل مشكلاته ومنازعاته إلاّ وفق القوانين الطاغوتية التي ما أنزل اللّه بها من سلطان؟ ويمكن أن يسأل: أنّ القوانين الإسلامية بين ثابت وأبدي لا يقبل التغيير مع تطوّر الظروف وبين متغير ومتطوّر، فما هو موقف السلطة التشريعية تجاه القسم الثاني؟ أمّا الجواب: فنقول: إنّ التغيّر والتطوّر ليس في جوهر القانون وصلبه، وإنّما هو في شكله وصورته، والذي يجب صيانته وحفظه إنّما هو جوهره وصلبه، لا ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . النساء: 51 ـ 52. 2 . النحل: 36. 3 . الزمر: 17.