( 590 ) حال حياتهم، وقد أثبتنا ـ فيما سبق ـ أنّ الموت والحياة غير مؤثرين ـ مطلقاً ـ في ماهية العمل، وفي جوازه وعدم جوازه. ومما سبق تبين ما في فتح المجيد، إذ قال: وقوله: (أو يدعو غيره): اعلم أنّ الدعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، ويراد به في القرآن هذا تارة وهذا تارة، ويراد به مجموعهما. فدعاء المسألة هو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو كشف ضر، ولهذا أنكر اللّه على من يدعو أحداً من دونه ممّن لا يملك ضرّاً ولا نفعاً، كقوله تعالى: (قُل أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لاَ يمْلِكُ لَكُمْ ضَرَّاً وَلا نَفْعَاً وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيم)(1) وقوله: (قُل أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا ولا يَضُرُّنَا ونُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأرْضِ حَيْراَنَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنَا لِنُسَلِّمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)(2)، وقال: (وَ لاَ تَدْعُ مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذَاً مِنْ الظَّالِمِينَ).(3) قال شيخ الإسلام [ابن تيمية]: فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة قال اللّه تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدينَ).(4) ــــــــــــــــــــــــــــ 1 .المائدة:76. 2 .الأنعام: 71. 3 .يونس: 106. 4 .الأعراف: 55.