( 47 ) (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإنْسَانُ كَفُوراً)(1) (وَإَذَا مَس النَّاسَ ضُُرٌّ دَعوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ)(2) هذه الآيات كلها تفيد أنّ الإيمان باللّه مزروع في فطرة الإنسان، غاية ما في الأمر أنّ الإنسان قد يغفل عن ذلك بعض الأحيان بسبب ما يعتريه من سهو ولهو ولذات منسية سريعة الفوت، ولكنَّه سرعان ما يعود بحكم فطرته إلى اللّه ـ عندما يواجه الشدائد وتفقد الحياة رتابتها ـ فهنالك لا يرى سوى اللّه منقذاً ومخلصاً، ولا يرى في غيره ولياً ولا نصيراً. هل الإيمان بوحدانية اللّه فطري أيضاً؟ يعتقد فريق من العلماء أنّ الآيات المذكورة ناظرة إلى مسألة "فطرية الاعتقاد بوحدانية اللّه" لا إلى مسألة "فطرية الاعتقاد بوجوده تعالى". فقد كتب من هذا الفريق من يقول: لو كانت هذه الآيات تتحدث عن فطرية شيء، فهي إنّما تتحدث ـ في الحقيقة ـ عن فطرية "وحدانية اللّه" لا عن فطرية "أصل وجوده". وذلك لأنّ هذه الآيات موجهة ـ أساساً ـ إلى المشركين الذين كانوا يتخذون مع اللّه إلهاً أو آلهة أُخرى. 1 . الإسراء: 67. 2 . الروم: 33.