( 419 ) بوضوح ـ أنّه قد سادت على الاَوساط الشيعيّة في هذه الظروف نزعتان مختلفتا المنحى ومتضادتا المنهج لا تجد لهما مثيلاً في العصور السابقة، وهاتان النزعتان هما: 1. النزعة العقليّة البحتة التي تدفع المفسّرإلى الاهتمام بالآيات الواردة في المبدأ و المعاد والاَسماء والصفات وما يمت إليهما بصلة، ويضرب ـ في ظلّهاـ عمّا سواها صفحاً،ولا ينظر إليه إلاّنظرة خاطفة كأنّ القرآن كتاب عقلي فلسفي لا يهتم إلاّبالمسائل العقليّة، ولا شأن له بمسائل المجتمع وما تدور عليه رحى الحياة. 2. النزعة الاَخبارية التي لا تهتم إلاّ بنقل الروايات وجمعها من مختلف الكتب من دون تحقيق في اسنادها ومتونها حتى ألّف في هذه الظروف أكبر المجاميع الروائية حول التفسير التي لا يشذ منها من أحاديث التفسير إلاّالنزر اليسير. وقد كان لهاتين النزعتين تأثير خاصّفي تطوّر التفسير في تلك العصور، ولما قضى الاَُستاذ الاَكبر المحقّق البهبهاني (المتوفّى1206هـ) على النزعة الاخبارية التي تتسم بالقشرية والسطحية في أواخر القرن الثاني عشر ومستهلّ القرن الثالث عشر عزت العناية بالتفسير الروائي وتوفرت الدوافع نحو التفسير العلمي الذي يهتم بأكثر المسائل التي يتوقّف عليها فهم الآيات، فراج منهج الشيخ الطوسي في تبيانه، والطبرسي في مجمعه، خصوصاً في أواخر القرن الثالث عشر ومستهلّ الرابع عشر. نعم حدثت رجّة عنيفة في أواسط القرن الرابع عشر ودفعت الضرورات الاجتماعية إلى تطوير المنهج التفسيري كما سيوافيك بيانه، وإليك اعلام التفسير في القرن الحادي عشر: