( 566 ) وقال: "تزول الجبال ولا تزل عض على ناجذك أعر اللّه جمجمتك، تد في الأرض قدمك أرم ببصرك أقصى القوم وغضّ بصرك وأعلم أنّ النّصر من عند اللّه سبحانه"(1). وقال: "فإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال، أو أثناء الأنهار، كيما يكون لكم رداءاً ودونكم مردّاً، ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين وأجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ومناكب الهضاب، لئلاّ يأتيكم العدوّ من مكان مخافةً أو أمن. واعلموا أنّ مقدّمة القوم عيونهم وعيون المقدّمة طلائعهم، وإيّاكم والتفرّق، فإذا نزلتم فانزلوا جميعاً وإذا ارتحلتم فارتحلوا جميعاً، وإذا غشيكم الليل فاجعلوا الرّماح كفّةً، ولا تذوقوا النّوم إلاّ غراراً أو مضمضةً"(2). إنّ مثل هذا النظام ومثل هذه التعاليم حول العسكر يقتضي وجود جهاز خاصّ مستقلّ يقوم بشؤون الجند، ويتكفّل إدارة اُمورهم، وخاصّة أنّ الحاجة تزداد يوما بعد يوم إلى الجيوش المنظّمة القويّة، وتزداد متطلّبات الجنود. إنّ القيام بشؤون الجند من وظائف السلطة التنفيذيّة. . فوزارة الدفاع من هذه السلطة هي التي يجب أن تتولّى هذه الناحية الخطيرة، وتنظّم الجيش الإسلاميّ بأحسن تنظيم. وقال ـ عليه السلام ـ لأحد قادة جيشه حينما أنفذه إلى الشام: "اتّق اللّه الذي لا بدّ لك من لقائه ولا منتهى لك دونه، ولا تقاتلنّ إلاّ من قاتلك وسر البردين [ الغداة والعشي ] وغور بالنّاس، ورفّه في السير، ولا تسر أوّل الليل فإنّ اللّه جعله سكناً، وقدّره مقاماً لا ظعناً، فأرح فيه بدنك وروّح ظهرك، فإذا وقفت حين ينبطح السحر، أو حين ينفجر الفجر فسر على بركة اللّه، فإذا لقيت العدوّ فقف من أصحابك وسطاً ولا تدن من القوم دنوّ من يريد أن ينشب الحرب، ولا تباعد عنهم تباعد من يهاب البأس حتّى يأتيك أمري، ولا يحملنّكم شن آنهم على قتالهم قبل دعائهم والاعذار إليهم" (3). ــــــــــــــــــــــــــــ 1- نهج البلاغة:قسم الخطب:رقم 10. 2- نهج البلاغة:قسم الكتب:رقم 11 ، 12. 3- نهج البلاغة:قسم الكتب:رقم 11 ، 12.