( 550 ) فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا. . . (1) وهكذا انفرط عقد التحالف القرشيّ اليهوديّ الغطفانيّ بفعل نعيم وتخذيله والدور الذي لعبه كما يلعبه أي جاسوس يعمل لصالح جهة معيّنة، وينفّذ تكتيك التفرقة بين قوى العدو ببث الشائعات والتخويف. 6 ـ وفي نفس الواقعة (أي واقعة الخندق ) لمّا انتهى إلى رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ما اختلف من أمرهم وما فرّق اللّه من جماعتهم دعا حذيفة بن اليمان فبعثه إليهم لينظر ما فعل القوم ليلاً. وقال له: يا حذيفة اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون ولا تحدّثن شيئاً حتّى تأتينا. يقول: فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود اللّه تفعل بهم ما تفعل لاتقر لهم قدراً ولا ناراً ولا بناء فقام أبو سفيان وقال: يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه؟ قال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي فقلت: من أنت، قال: فلان ابن فلان. [ وفي شرح المواهب: فضربت بيدي على يد الذي عن يميني فأخذت بيده، فقلت من أنت ؟ قال معاوية بن أبي سفيان ثمّ ضربت بيدي على يد الذي كان على شمالي فقلت من أنت ؟ قال: عمرو بن العاص ] (2). ثمّ راح أبو سفيان يتحدّث عن ما لحقهم من الخلاف والبلاء ومقتل عمرو بن ود وقال ارتحلوا فانّي مرتحل. يقول حذيفة: فواللّه لولا عهد رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم لقتلته بسهم. ثمّ رجع إلى النبيّ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم وأخبره بعزم قريش على الانسحاب من هذه المعركة والفرار. وهذا يكشف عن أنّ هذا النوع من العمل كان ابتكاراً من النبيّ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم وعملاً ــــــــــــــــــــــــــــ 1- سيرة ابن هشام 2:229، ومغازي الواقديّ :480. 2- سيرة ابن هشام 2:232 ومغازي الواقديّ :482.