( 10 ) فقد آثرنا دراسة الجانب العقائدي من هذه المواضيع الكثيرة جداً، لأهميته في ترسيم معالم الإيمان وترسيخه في حياة الإنسان. وتؤلّف قضايا التوحيد والشرك حجر الأساس في العقيدة الإسلامية، بل حجر الأساس في كلّ الشرائع السماوية. فبإلقاء نظرة سريعة على الآيات القرآنية يتضح انّ القرآن الكريم بذل حيال مسألة التوحيد الأُلوهي و الربوبي من العناية ما لم يبذل مثلها حيال أية مسألة أُخرى من المسائل العقائدية والمعارف العقلية.بل حتى قضية "المعاد" والبعث في يوم القيامة التي تعد من القضايا المهمة جداً في نظر القرآن بحيث لا يمكن لأي دين أن يتجلى في صورة "عقيدة سماوية" ومنهج إلهي دون الاعتقاد بها، كما لا يمكن لذلك المنهج أن ينفذ إلى الأعماق والافئدة بدونها. ويجدر بالذكر انّ عناية القرآن تركزت أساساً على ابلاغ وبيان "أُصول الدين"و بذر بذورها في الأفئدة، والعقول أكثر من العناية ببيان المسائل الفرعية العملية. ويشهد على ذلك أنّ الآيات التي وردت في القرآن حول موضوع "المعاد" تتجاوز (2000) آية، في حين يقارب مجموع الآيات الواردة حول الأحكام المبينة لفروع الدين (288)آية أو يتجاوزها بقليل. وهذا هو بذاته يكشف عن الاهتمام الواسع والعناية الفائقة التي يوليها القرآن الكريم للمسائل الفكرية والقضايا الاعتقادية. وعلى هذا الأساس قد خصصنا الجزء الأوّل للتوحيد والشرك بمختلف مراتبهما، ولما انتهى بحثنا في آخر الجزء إلى التوحيد في الحكومة التي هي للّه سبحانه فقط، آثرنا أن نركز في الجزء الثاني على معالم الحكومة الإسلامية، ثمّ تدرّجنا في البحث في سائر الأجزاء إلى الجزء العاشر الذي اهتم بالعدل والإمامة، وما يمت لهما بصلة.