( 31 ) التقنين. و وظيفة الحكومة تعريف أفراد المجتمع بواجباتهم ووظائفهم و مالهم و ما عليهم من حقوق ، ثمّتحقيقها و تجسيدها. إنّ أعمال الحكومة والحاكمية في المجتمع لاتنفك عن التصرف في النفوس و الاَموال و تنظيم الحريّات و تحديدها أحياناً والتسلّط عليها ولا يقوم بذلك إلاّ من كانت له الولاية على الناس و لولا ذلك لعُدّ التصرف عدواناً، وبما أنّجميع الناس سواسيه أمام اللّه و الكلّ مخلوق له بلا تمييز فلا ولاية لاَحد على أحد بالذات بل الولاية للّه المالك الحقيقي للاِنسان والكون، والواهب له الوجود والحياة ، فلا يصحّ لاَحد الاِمرة على العبادة إلاّبإذنه. فالاَنبياء والعلماء والموَمنون مأذونون من قبله سبحانه في أن يتولوا الاَمر من قبله و يمارسوا الحكومة على الناس من ناحيته، فالحكومة حقّمختصّ باللّه سبحانه و الاَمارة ممنوحة من قبله. قال سبحانه: "إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ للّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَ هُوَخَيْرُ الْفاصِلينَ" (الاَنعام|57). وقال سبحانه: "أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَأَسْرَعُ الْحاسِبينَ " (الاَنعام|62). نعم إنّاختصاص حقّالحاكمية باللّه سبحانه ليس بمعنى قيامه شخصياً بممارسة الاِمرة، بل المراد أنّ من قام بالاِمرة في المجتمع البشري، يجب أن يكون مأذوناً من جانبه سبحانه لاِدارة الاَُمور، والتصرّف في النفوس و الاَموال. ولذلك نرى أنّه سبحانه: يمنح لبعض حقّ الحكومة بين الناس، إذ يقول: "يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الاََرضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ" (ص|26)و على ضوء ذلك فلا محيص عن كون الحكومة في المجتمع الاِسلامي مأذوناً بها من قبل اللّه سبحانه: ممضاة من جانبه، و إلاّ كانت حكم الطاغوت، الذي شجبه القرآن في أكثر من آية.