( 10 ) "وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيراً لَكُمْ إِنّما اللّهُ إِلهٌ واحِد سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَه ُوَلَد" (النساء|171). ومن المعلوم أنّ لفظ الجلالة في الآية منسلخ عن معنى العلمية لوضوح أنّ مصداق العلم واحد لا كثير فلا وجه للتركيز على انّه واحد، فإذاً لايصحّ التركيز إلاّ بانسلاخ لفظ الجلالة عن معنى العلمية حتى يصحّ التأكيد على أنّ اللّه إله واحد. نعم لقائل أن يقول: إنّ الاِله في الآية بمعنى المعبود، والهدف من التأكيد بالوحدانيّة، أنّه لا معبود سواه، فتكون النتيجة حصر المعبود الواحد فيه سبحانه. و لكن التمعن في صدرها و ذيلها، لا يدعم ذلك الرأي و ذلك لانّها بصدد إثبات توحيد الذات و إبطال التثليث كما عليه النصرانية في عصر الرسول و ما بعده إلى يومنا هذا. فالمسيح عندهم جزء من العناصر الثلاثة التي تشكل إلهاً واحداً ويُشار إلى ذلك الواحد بلفظ الجلالة، ففي ذلك الموقف الخطير الذي يريد فيه النصراني نفي توحيد الذات وإثبات كثرتها يُناسب التركيز على وحدة الذات، وتوحيدها، لا وحدة المعبود التي لا تصل النوبة إليها إلاّ بعد الفراغ عن مسألة وحدة الذات وكثرتها قال سبحانه: "يا أهْلَ الْكِتاب لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلاّ الحَقَّ إِنَّما الْمَسيحُ عيسَى ابنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ و َكَلِمَتهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ فآمِنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيراً لَكُمْ إِنَّما اللّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّموات ِوَما فِي الاََرْض وَكَفى بِاللّهِ وَكيلاً" (النساء|171). قد صيغت الآية و كأنّها سبيكة واحدة، لدحض مزعمة التثليث التي لاتتفق مع وحدانية الذات و لاَجل ذلك يقول بعد قوله: "إِنّما اللّه إله واحد" "سبحانه أن يكون له ولد" أي فهو موجود بسيط ، " لم يلد و لم يولد"، فكيف يكون له ولد، و هو في غنى عن الولد، وهو مالك لما في السماوات و الاَرض.