( 58 ) الثالث عشر: الآيات التي تجري مجرى المثل القرآن الكريم كلّه حكمة وعظة، بلاغ وعبرة، وقد قام غير واحد من المحقّقين باستخراج الحكم الواردة فيه التي صارت أمثالاً سائرة عبر القرون لتداولها على الاَلسن في حياتهم العملية. وقد سبق منّا القول إنّ هذه الآيات لم تنزل بوصف المثل، لاَنّ المثل عبارة عن كلام تداولته الاَلسن فصار به أمثالاً سائرة دارجة، ومن الواضح أنّ الحكم الواردة في القرآن نزلت من دون سبق مثال لها، فلم تكن يوم نزولها موصوفة بوصف المثل، وانّما أُضفي عليها هذا الوصف عبر مرّ الزمان وتداول الاَلسن. ثم إنّ جعفر بن شمس الخلافة (1)المتوفّى عام 226هـ) عقد باباً في ألفاظ القرآن الجارية مجرى المثل، ونقله السيوطي عنه في كتاب "الاِتقان"، وقال: وهذا هو النوع البديعي المسمّى بإرسال المثل. وإليك ما أورده من هذا الباب: 1. (وَعَسى أَنْ تكرَهُوا شَيئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ). (2) 2. (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَة ). (3) 3. (لا يُكَلّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها ). (4) ____________ 1 ـ هو أبو الفضل جعفر بن محمد شمس الخلافة الاَفضلي البصري المتولّد عام 543هـ، ترجمه ابن خلكان في "وفيات الاَعيان" موَلف كتاب "الآداب" وهو كتاب وجيز في الحكم والاَمثال من النثر والنظم طبع في مصر عام 1349هـ. 2 ـ البقرة:216. 3 ـ البقره:249. 4 ـ البقرة:286.