( 25 ) انّها توَثر في القلوب ما لا يوَثره وصف الشيء في نفسه، وذلك لاَنّ الغرض في المثل تشبيه الخفى بالجلي، والغائب بالشاهد، فيتأكد الوقوف على ماهيته، ويصير الحس مطابقاً للعقل ،وذلك في نهاية الاِيضاح، ألا ترى أنّ الترغيب إذا وقع في الاِيمان مجرّداً عن ضرب مثل له لم يتأكد وقوعه في القلب كما يتأكد وقوعه إذا مُثّل بالنور، وإذا زهد في الكفر بمجرّد الذكر لم يتأكد قبحه في العقول، كما يتأكد إذا مثل بالظلمة، وإذا أخبر بضعف أمر من الاَُمور وضرب مثله بنسج العنكبوت كان ذلك أبلغ في تقرير صورته من الاِخبار بضعفه مجرّداً، ولهذا أكثر الله تعالى في كتابه المبين،وفي سائر كتبه أمثاله،قال تعالى: (وَتِلْكَ الاََمْثال نَضْرِبها لِلنّاس) (1) (2) 5. وقال الشيخ عزالدين عبدالسلام (المتوفّى عام 660هـ) : إنّما ضرب الله الاَمثال في القرآن،تذكيراً ووعظاً، فما اشتمل منها على تفاوت في ثواب، أو على إحباط عمل، أو على مدح أو ذم أو نحوه، فإنّه يدل على الاحكام. (3) 6. وقال الزركشى(المتوفّى عام 794هـ) : وفي ضرب الاَمثال من تقرير المقصود مالا يخفى، إذ الغرض من المثل تشبيه الخفى بالجلى، والشاهد بالغائب، فالمرغب في الاِيمان مثلاً، إذا مثّل له بالنور تأكّد في قلبه المقصود،والمزهَّد في الكفر إذا مثل له بالظلمة تأكد قبحه في نفسه وفيه أيضاً تبكيت الخصم،وقد أكثر الله تعالى في القرآن، وفي سائر كتبه من الاَمثال. (4) لكن يرد على ما ذكره الزمخشري والرازي والزركشي أنّ ما ذكروه راجع ____________ 1 ـ العنكبوت:43. 2 ـ مفاتيح الغيب:2|72ـ73. 3 ـ الاِتقان في علوم القرآن:2|1041. 4 ـ البرهان في علوم القرآن: 1|488.