( 19 ) الخامس: أقسام التمثيل قد عرفت أنّ التمثيل عبارة عن إعطاء منزلة شيء لشيء عن طريق التشبيه أو الاستعارة أو المجاز أو غير ذلك، فهو على أقسام: 1. التمثيل الرمزي: وهو ما ينقل عن لسان الطيور والنباتات والاَحجار بصورة الرمز والتعمية ويكون كناية عن معاني دقيقة، وهذا النوع من التمثيل يعجّ به كتاب "كليلة ودمنة" لابن المقفع، وقد استخدم هذا الاَُسلوب الشاعر العارف العطار النيشابوري في كتابه "منطق الطير". ويظهر من الكتاب الاَوّل أنّه كان رائجاً في العهود الغابرة قبل الاِسلام ، وقد ذكر الموَرّخون أنّ طبيباً إيرانياً يدعى "برزويه" وقف على كتاب "كليلة ودمنة" في الهند مكتوباً باللغة السنسكريتية ونقلها إلى اللغة البهلوية، وأهداه إلى بلاط أنوشيروان الساساني، وقد كان الكتاب محفوظاً بلغته البهلوية إلى أن وقف عليه عبد الله بن المقفع (106ـ143هـ) فنقله إلى اللغة العربية، ثمّ نقله الكاتب المعروف نصر الله بن محمد بن عبد الحميد في القرن السادس إلى اللغة الفارسية وهو الدارج اليوم في الاَوساط العلمية. نعم نقله الكاتب حسين واعظ الكاشفى إلى الفارسية أيضاً في القرن التاسع ومن حسن الحظ توفر كلتا الترجمتين. وقام الشاعر "رودكي" بنظم، ما ترجمه ابن المقفع، باللغة الفارسية. ويظهر من غير واحد من معاجم التاريخ أنّه تطرق بعض ما في هذا الكتاب من الاَمثلة إلى الاَوساط العربية في عصر الرسالة أوبعده، وقد نقل أنّ عليّاً(عليه السلام) قال: "إنّما أُكلت يوم أُكل الثور الاَبيض" وهو من أمثال ذلك الكتاب.