[ 21 ] نموذج آخر لتأثير القرآن ان النموذج الآخر لتأثير فصاحة القرآن وبلاغته هو قصة اسعد بن زرارة. ان قبيلة اسعد كانت لفترة طويلة في صراع محتدم بينها وبين قبيلة اخرى . فغادر اسعد يوماً ما المدينة إلى مكة قاصداً زيارة بيت الله والأصنام التي فيها، فواجه في الطريق احد المشركين حذره من السماع لساحر يجلس قرب حجر إسماعيل، فانشغل اسعد بالطواف الا انه عندما شاهد وجه الرسول النوراني فكر، ورجح السماع والاصغاء لما يقوله الرسول(صلى الله عليه وآله) وقرر ان يعرض عنه إذا كان كلامه غير منطقي(1) وعندما اقترب من الرسول وسمع منه بعض الايات انجذب له إلى مستوى طلب منه تلاوة آيات أُخرى، فتلى الرسول له .. ثم أسلم. وحكى للرسول قصة الاختلاف بين قبائل المدينة ودعى الرسول للمجيء إلى المدينة لأجل حل هذه الاختلافات.(2) خطابات الاية 1- البعوضة ليست حيواناً حقيراً! إنّ كثيراً من المفسرين المعروفين ومنهم المرحوم الطبرسي (ره) في تفسيره القيم (مجمع البيان) ينقل حديثاً عن الامام الصادق(عليه السلام) في ذيل الاية، حيث قال: "إنما ضرب الله المثل بالبعوضة لأن البعوضة على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين فأراد الله تعالى أن يُنبّه بذلك المؤمنين على لطيف خلقه وعجيب صنعه".(3) ان الله في الحقيقة أراد بهذا المثال بيان ضرافة الخلق، وان التفكّر في هذا الحيوان الضعيف ظاهراً - الذي خلقه الله شبيهاً لأكبر حيوان في اليابسة - ليرشد الانسان إلى عظمة خالقه. 1. لقد أيدت الآية الشريفة التالية هذا المنطق: (فَبَشِّر عِبَادِ الَّذينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذينَ هَدَاهُمُ اللهُ وأُولئكَ هُم أُولُوا الألْبَابِ) الرمر 17 - 18. 2. نص القصة الكاملة في اعلام الورى: 35 - 4، بحار الانوار: 9: 8 - 11. 3. مجمع البيان، ذيل الاية.