(239) والصلاة هي الدعاء المفسر به السلام على أحد معانيه السالف ذكرها (1)، وكذلك استغفار الموجودات بأسرها لمعلم الخير، وطالب العلم يثبت سلامها أيضاً؛ إما لاشتراكها في المعاني، بل يثبت تقديم السلام عليها تحكيماً لعموم دليل تقديمه على كل كلام، إن قلنا: إن صلاة الكائنات واستغفارها من جنس الكلام والقول، وقد سبق بيانه قريباً أو لأن الصلاة والاستغفار، ووضع الملائكة أجنحتها أرفع من السلام، ولا يفقد الأرفع الرفيع، فيلزمها السلام، وأما إذا قلنا بالاشتراك في ظاهرة حب الكائنات للإنسان المعلم للخير وطالب العلم بل لكل من أطاع الله تعالى فهي والسلام شرع سواء، على أن بقاع الأرض الشاهدة لمن تعبد عليها في يوم القيامة (2) من شواهد حُسن السلام كما صرح بالسلام من الطرفين في حديث نختم به الكتاب: " إن علياً قال: دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فوجَّهني إلى اليمن لأصلح بينهم، فقلت: يا رسول الله إنهم قوم كثير، ولهم سنٌ وأنا شابٌّ حدثٌ، فقال: يا علي إذا صرت بأعلى عقبة فناد بأعلى صوتك: ياشجر، يا حجر، يا مدر، يا ثرى محمد رسول الله يقرؤكم السلام. قال: ذهبت فلما صرت بأعلى العقبة أشرفت على أهل اليمن، فإذا هم مقبلون نحوي، شاهرون سلاحهم مشرعون أسنتهم، متنكبون قسيّهم، فناديت بأعلى صوتي يا شجر، يا مدر، يا ثرى، محمد رسول الله يقرؤكم السلام [قال:] فلم تبق شجرة، ولا مدرة، ولا ثرى إلا ارتج بصوت واحد: " وعلى محمد رسول الله، وعليك السلام " فاضطربت قوائم القوم، وارتعدت ركبهم، ووقع السلاح من أيديهم، وأقبلوا إليّ بالصلح مسرعين، فأصلحت بينهم وانصرفت.(3) وإلى هنا انتهى الكلام عن الفصول العشرة وخاتمتها بما فيها من الأسرار. ____________ 1 ـ في غضون (2 ـ السلام تحية الله التي اختارها للمسلمين)، وغيره. 2 ـ الوسائل 3 | 472 ـ 474. وقد تقدم بعض رواياتها وكذا نظائرها، أرقامها: 1، 2، 3. 3 ـ الخرائج لقطب الراوندي 2 | 492 ـ 493.