(457) تفظيع لأمرهم وحثهم على الاعتبار بحالهم، والحذر من مثل أفعالهم، وإنما قيل: قوم هود، ليتميزوا عن عاد ارم. القمي: إن عادا كانت بلادهم في البادية من المشرق إلى الاجفر (1) أربعة منازل، وكان لهم زرع ونخل كثير، ولهم أعمار طويلة، واجسام طويلة، فعبدوا الاصنام، وبعث الله إليهم هودا يدعوهم إلى الاسلام وخلع الانداد فأبوا ولم يؤمنوا بهود، وآذوه فكفت السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا، وكان هود زراعا، وكان يسقي الزرع فجاء قوم إلى بابه يريدونه فخرجت عليهم إمرأة شمطاء (2) عوراء (3)، فقالت: من أنتم، فقالوا: نحن من بلاد كذا وكذا أجدبت بلادنا فجئنا إلى هود نسأله أن يدعو الله حتى يمطر ويخصب بلادنا، فقالت: لو استجيب لهود لدعا لنفسه، وقد احترق زرعه لقلة الماء، قالوا فأين هو؟ قالت: هو في موضع كذا وكذا، فجاؤوا إليه فقالوا: يا نبي الله قد أجدبت بلادنا ولم يمطر فسل الله أن يخصب بلادنا ويمطر فتهيأ للصلوة وصلى ودعا لهم فقال لهم: إرجعوا فقد أمطرتم وأخصبت بلادكم، فقالوا: يا نبي الله إنا رأينا عجبا قال: وما رأيتم؟ قالوا: رأينا في منزلك إمرأة شمطاء عوراء قالت لنا: من أنتم ومن تريدون؟ فقلنا: جئنا إلى هود ليدعو الله لنا فنمطر، فقالت: لو كان هود داعيا لدعا لنفسه، فإن زرعه قد احترق، فقال هود: ذاك أهلي وأنا أدعو الله لها بطول البقاء، فقالوا وكيف ذلك؟ قال: لأنه ما خلق الله مؤمنا إلا وله عدو يؤذيه، وهي عدوي فلان يكون عدوي ممن أملكه خير من أن يكون عدوي وممن يملكني، فبقي هود في قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن عبادة الاصنام حتى أخصبت بلادهم وأنزل الله تعالى عليهم المطر، وهو قوله عز وجل: (يا قوم استغفروا ربكم) الآيات فلما لم يؤمنوا أرسل الله عليهم الريح الصرصر (4) يعني الباردة، وهو قوله تعالى في سورة القمر (كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس ____________ (1) الاجفر موضع بين الخريمية وفيد ق والمراد بلادهم في جانب شرق الاجفر ببعد أربعة منازل منه. (2) في الحديث لا بأس بجز الشمط ونتفه وجزه احب الي من نتفه وهو بالتحريك بياض شعر الرأس يخالط سواده والرجل اشمط والمرأة شمطاء. (3) عورت العين عورا من باب تعب نقصت أو غارت والرجل اعور والانثى عوراء م. (4) والصرة بالكسر شدة البرد أو البرد كالصر فيهما واشد الصياح وبالفتح الشدة من الكرب والحرب والحر وريح صر وصرصر شديد الصوت أو البرد وصر النبات بالضم اصابه الضر .