[4] الأخرى فقد حفظه الله من أي تبديل أو تغيير في نصه أو رسمه تحقيقا لقول الله تبارك وتعالى:(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) بل إنه جل شأنه كرم هذا الكتاب فقال:(لا يمسه إلا المطهرون) فليس بعد ذلك غاية لتكريم أو تعظيم هذا القرآن المجيد. واعتقادي أن أي محاولة من البشر لإظهار عظمة القرآن وقدسيته إنما هي وليدة رغبة إيمانية مخلصة فيها ما يشبه التأسي بموقف نبي الله إبراهيم عليه السلام وهو خليل الله عندما قال بروح الواثق من قدرة الله تعالى:(رب أرني كيف تحيى الموتى، قال: أولم تؤمن؟ قال: بلى، ولكن ليطمئن قلبي). والقرآن المجيد حافل بالكثير من الآيات الدالة على علم الله المحيط بكل ما في الكون من مخلوقات وكائنات وما فيه من نواميس وسنن وقوانين أوجدها سبحانه خاضعة لإرادته وأمره، وقد نزلت هذه الآيات الكونية وغيرها من آيات الأعجاز العلمي في وقت لم يكن أهل الجزيرة العربية ومن حولها من الأقطار على علم بأسرارها فلما تقدم الإنسان وازدادت علومه ومعارفه بدأت آيات القرآن تظهر أمام بصيرته بمعانيها العلمية الباهرة، وتكشف عن إعجازها الرائع. والمسلمون يعيشون الآن في عصر زاهر بالعلم وقد بهرهم فيه ما وصل إليه أهل أوروبا وأمريكا من تفوق ظاهر في العلوم والفنون والآداب وبخاصة علم التكنولوجيا وقد سبقوا فيها الدول الإسلامية بأشواط بعيدة الأمر الذي جعل ضعاف العقول يسيئون الظن بالإسلام ويحسبون أنه سبب قصورهم وتخلفهم في ذلك المضمار، وهم في ذلك الوهم نسوا أو تناسوا أن الدين الإسلامي بقرآنه المجيد وسنته المطهرة هو الذي خلق من العرب أهل البادية خير أمة أخرجت للناس وأسسوا أعظم الدول وأرقى الحضارات وأكثر الأُصول العلمية التي اقتبس أهل الغرب منها علومهم وفنونهم.