[19] شهادة الوليد بن المغيرة أبلغ فصحاء العرب في القرآن: أعيت الحيل القرشيين في محاربة القرآن بتكذبيه وإطفاء نوره والحد من تأثيره في قلوب سامعيه فاجتمعوا عند الوليد بن المغيرة أحد بلغاء العرب يتشاورون فيما يمكن عمله لابطال سحر البيان في هذا القرآن العجز الذي كانت وفود القبائل الآتية إلى مكة للحج تستمع إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو يرتله فيبلغ تأثير القرآن أعماق نفوسهم ويروعهم أسلوبه ومعناه، وحارت قريش في أمرها وكيف يصدون هذه القبائل عن الاجتماع بمحمد والاستماع لرسالته فكانوا يقولون لهم مرة إنه كاهن، ومرة أخرى يقولون عنه أنه ساحر ومرة ثالثة يقولون عنه إنه شاعر ولكن عقلاء القبائل ما كانت في قرارة نفسها تصدق هذا الكلام المناقض لجلال ما يسمعون من آيات القرآن والذكر الحكيم. وأخيرا استقر رأى قريش أن يوزعوا أنفسهم عند مفارق الطريق الموصلة إلى مكة ويجلسون عند مداخلها لمقابلة القادمين وتحذيرهم من مقابلة محمد أو الاستماع إلى حديثه وقرآنه، ولما كانت قريش مسموعة الكلمة في العرب فكان كثير من هؤلاء الوافدين ينقادون لرأيهم، وكان الوليد بن المغيرة أشد المؤمنين بأن ما يتلوه محمد من القرآن حق لا ريب فيه، وكان يقول لقومه عن القرآن:(إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يعلى عليه، وكان ينصح قومه أن يتركوا محمدا وشأنه لأنه توسم مجسه المرهف أن دعوة محمد ستكون لها شأن وأى شأن. معجزة النبى الكبرى هي القرآن: إن كلمة القرآن لفظ مشتق من مادة قرأ وهي أول كلمة نزل بها الوحى على النبى في غار حراء إشارة إلى مكانة القراءة التي هي السبيل إلى العلم وسر التقدم