[15] في نفس الوقت باطناً والعكس صحيح أيضاً. والسبب في ذلك هو محدودية وجودنا، فالوجود المحدود لا يستطيع أن يكون غير ذلك، إلاّ أنّ الحديث عندما يكون عن صفات الله فسيتغيّر الأمر، حيث يمكن الجمع في هذه الحالة بين الظاهر والباطن، وبين البداية والنهاية، وذلك لطبيعة صفات الذات الإلهيّة المقدّسة اللا متناهية، ولذلك فلا عجب هنا. وقد وردت أحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) فيها توضيحات رائعة تساعد على تفسير هذه الآيات ذات المحتوى العميق، ومن جملتها ما ورد في صحيح مسلم عن الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "اللهمّ أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء"(1). ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "ليس لأوّليّته إبتداء، ولا لأزليّته إنقضاء، هو الأوّل لم يزل، والباقي بلا أجل .. الظاهر لا يقال ممّ؟ والباطن لا يقال فيم؟"(2). ويقول الإمام المجتبى (عليه السلام) في خطبة له: "الحمد لله الذي لم يكن فيه أوّل معلوم، ولا آخر متناه ... فلا تدرك العقول وأوهامها، ولا الفِكَرُ وخطراتها. ولا الألباب وأذهانها صفته، فتقول متى ولا بدع ممّا؟ ولا ظاهر على ما؟ ولا باطن فيما؟"(3). * * * ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ تفسير القرطبي، ج9، ص6406. 2 ـ نهج البلاغة، خطبة 163. 3 ـ تفسير نور الثقلين، ج5، ص236.