[501] ثانياً: القرآن والطهارة نقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى: (لا يمسّه إلاّ المطهّرون) وقلنا: إنّ المسّ يفسّر بالمسّ الظاهري وبالمعنوي كذلك، ولا تضادّ بينهما، وهما مجموعان في المفهوم الكلّي للآية. وفي القسم الأوّل نقلت روايات لأهل البيت (عليهم السلام) عن أبي الحسن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أنّه قال: (المصحف لا تمسّه على غير طهر، ولا جنب، ولا تمسّ خطّه ولا تعلّقه، إنّ الله تعالى يقول: (لا يمسّه إلاّ المطهّرون)(1). ونقل نفس المعنى في حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام) مع إختلاف مختصر(2). وجاء في مصادر أهل البيت (عليهم السلام) من طرق مختلفة أنّ الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)قال: "لا يمسّ القرآن إلاّ الطاهر"(3). وحول اللمس المعنوي نقل عن ابن عبّاس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "إنّه لقرآن كريم في كتاب مكنون" قال: "عند الله في صحف مطهّرة" (لا يمسّه إلاّ المطهّرون)قال: "المقرّبون"(4). وهذا المعنى يمكن الإستدلال عليه بواسطة العقل أيضاً، لأنّه رغم أنّ القرآن الكريم هو كتاب هداية لعموم الناس، ولكنّنا نعلم أنّ الكثير ممّن سمعوا القرآن من فم النّبي الأكرم، ورأوا هذا الماء الزلال في عين الوحي الصافية، إلاّ أنّهم بسبب تلوّثهم بالعصبية والعناد والغرور لم يؤثّر فيهم أي تأثير ولم ينتفعوا به أقلّ إنتفاع، وهناك أشخاص اهتدوا به لمجرّد أنّهم سعوا ولو قليلا لتطهير أنفسهم وتهذيبها ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ وسائل الشيعة، ج1، ص269، الحديث (3) وطبقاً لهذا الحديث فإنّ النفي في الآية أعلاه كناية عن النهي. 2 ـ وسائل الشيعة، ج1، ص270، الحديث 5. 3 ـ نقل هذا الحديث في الدرّ المنثور عن عبدالله بن عمر ومعاذ بن جبل وابن حزم الأنصاري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ج9; ص162. 4 ـ الدرّ المنثور، ج6، ص162.