[489] هذا الخالق العظيم الذي يتميّز بهذه القدرة، الذي وضع الماء والنار جنباً إلى جنب الواحد داخل الآخر، كيف لا يستطيع أن يلبس الموتى لباس الحياة، ويحييهم في الحشر. وقد ورد دليل شبيه بهذا حول المعاد في آخر آيات سورة "يس" أيضاً يقول تعالى: (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون).(1) ولكن كما ذكرنا في تفسير الآية أعلاه فإنّ تعبير القرآن يمكن أن يكون إشارة إلى دليل أظرف، وهو حشر وتحرّر الطاقات وإنطلاقها. وبتعبير آخر: فإنّ الحديث هنا ليس فقط عن (القادحات) بل عن المواد التي لديها قابلية الإشتعال ـ كالخشب والحطب ـ حيث تولّد عند إحتراقها كلّ هذه الحرارة والطاقة. وتوضيح ذلك: أنّه ثبت من الناحية العلمية أنّ النار التي نشاهدها اليوم عند إحتراق الأخشاب هي نفس الحرارة التي أخذتها الأشجار من الشمس على مرّ السنين وادّخرتها في داخلها، فنحن نتصوّر أنّ أشعّة الشمس طيلة إشراقها على الشجر خلال خمسين سنة قد ذهبت آثارها غافلين عن أنّ حرارتها قد ادّخرت في الشجرة، وعندما تصل شرارة النار إلى الأخشاب اليابسة تبدأ بالإحتراق وتطلق الحرارة الكامنة فيها. وبذلك يكون هنا أيضاً معاد ومحشر وتحيا الطاقات من جديد مرّة اُخرى، ولسان حال الأشجار يقول: إنّ الخالق الذي هيّأ لنا الحشر قادر أن يهيّأ لكم حشراً يابني البشر. (ولمزيد من الإطلاع في هذا المجال راجعوا البحث المفصّل الذي بيّناه في الآية من سورة يس). جملة (يورون) ـ بمعنى إشعال النار ـ بالرغم من أنّها فسّرت هنا بما يستفاد ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ سورة يس، الآية 80.