[487] وهل أنّ إحياء الموتى غير هذا؟ أليس إحياء الأراضي الميتة نوعاً من أنواع إحياء الموتى؟ نعم، إنّه دليل على ذلك، وهو دليل على التوحيد وعظمة القدرة الإلهيّة، ودليل أيضاً على الحشر والمعاد. وإذا لاحظنا في الآيات أعلاه عملية إستعراض لماء الشرب ـ فقط ـ وعدم التحدّث عن تأثيره في حياة الحيوانات أو النباتات فإنّ السبب هو الأهميّة البالغة للماء في حياة الإنسان نفسه، بالإضافة إلى أنّه قد اُشير له في الآيات السابقة في الحديث الزرع، لذا لا حاجة لتكرار ذلك. والطريف هنا أنّ أهميّة الماء وتأثيره في حياة الإنسان تزداد مع مرور الزمن وتقدّم الصناعة والعلم والمعرفة الإنسانية، فالإنسان الصناعي يحتاج إلى الماء بصورة متزايدة، لذلك فإنّ كثيراً من المؤسسات الصناعية العظيمة لا تكون لها القدرة على الفاعلية إلاّ حينما تكون على ضفاف الأنهار العظيمة. وأخيراً ـ ولإكمال البحث في الآية اللاحقة ـ يقول سبحانه: (لو نشاء جعلناه اُجاجاً فلولا تشكرون)(1). نعم، لو أراد الله تعالى، للأملاح المذابة في مياه البحار أن تتبخّر مع ذرّات الماء، وتصعد إلى السماء معها وتشكّل غيوماً مالحة ومرّة، وتنزل قطرات المطر مالحة مرّة أيضاً كمياه البحر، فهل هنالك من قوّة تمنعه؟ ولكنّه بقدرته الكاملة لم يسمح للأملاح بذلك، ولا للمكروبات ـ أيضاً ـ أن تصعد إلى السماء مع بخار الماء، ولهذا فإنّ قطرات المطر عندما يكون الجوّ غير ملوّث تعتبر أنقى وأطهر وأعذب المياه. "اُجاج": من مادّة (أجّ) على وزن (حجّ) وقد أخذت في الأصل من "أجيج ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ في هذه الجملة حذفت اللام وفي التقدير هكذا "لو نشاء لجعلناه".