[16] أجل، خلق الأرض من جهة، ثمّ اتّساعها "وخروجها من تحت الماء" من جهة اُخرى، ووجود الجبال "الرواسي" عليها وإرتباط بعضها ببعض كأنّها السلاسل التي تشدّ الأرض وتحفظها من الضغوط الداخلية والخارجية والجزر والمدّ الحاصلين من جاذبية الشمس والقمر من جهة ثالثة .. ووجود أنواع النباتات بما فيها من عجائب واتّساق وجمال من جهة رابعة جميعها تدلّ على قدرته اللاّ محدودة(1). والتعبير بـ (من كلّ زوج) إشارة إلى مسألة الزوجية في عالم النباتات التي لم تكن معروفة كأصل كلّي حين نزول الآيات محلّ البحث، وبعد قرون وسنين متطاولة إستطاع العلم أن يميط النقاب عنها. أو أنّه إشارة إلى إختلاف النباتات وأنواعها المتعدّدة، لأنّ التنوّع والإختلاف في عالم النبات عجيب ومذهل. أمّا الآية التالية فهي بمثابة الإستنتاج إذ تقول: (تبصرةً وذكرى لكلّ عبد منيب)(2). أجل إنّ من له القدرة على خلق السماوات بما فيها من عظمة وجمال وجلال، والأرض بما فيها من نعمة وجمال ودقّة، كيف لا يمكنه أن يلبس الموتى ثوب الحياة مرّة اُخرى وأن يجعل لهم معاداً وحياة اُخرى!؟ ترى أليست هذه القدرة المذهلة العظيمة دليلا واضحاً على إمكان المعاد؟! أمّا الآية التالية ففيها إستدلال آخر على هذا الأمر إذ تقول: (ونزّلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتنا به جنّات وحبّ الحصيد). "الجنّات" هنا إشارة إلى بساتين الثمار، أمّا (حبّ الحصيد) فإشارة إلى الحبوب التي تعدّ مادّة أساسيّة لغذاء الإنسان كالحنطة والشعير والذرّة وغيرها. ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ كنّا قد بحثنا فوائد إيجاد الجبال واتّساع الأرض وبسطها وزوجية النباتات بحثاً مفصّلا في سورة الرعد ذيل الآية (3). 2 ـ يمكن أن تكون تبصرة مفعولا لأجله كما يمكن أن تكون مفعولا مطلقاً .. إلاّ أنّ الإحتمال الأوّل أنسب، ومثل هذا يقع الكلام على كلمة "ذكرى".