[9] الذين لا يقدرون على التأثير ولا على المعالجة، بل يقفون دوماً متأسّفين ومتحسّرين وشاكين ومنتقدين، ويزداد تشاؤمهم ويأسهم باستمرار حتى يقعوا في طامّة "الإِنزواء الإِجتماعي". ذلك لأنّهم ما استطاعوا أو ما أرادوا أن يستوعبوا احتياجات عصرهم ومشاكله. هؤلاء يعيشون في ظلام مطبق، وبسبب عدم تفهّمهم لأسباب الحوادث وعللها ونتائجها، يفقدون أنفسهم أمام هجوم هذه الحوادث ويرتبكون ويخافون ويظلّون دون خطّة للمواجهة والدفاع، وبما أنّ مسيرتهم في الظلام فسوف تزلّ قدمهم في كلّ خطوة، وما أجمل ما قاله الإِمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "العالم بزمانه لا تهجم عليه اللّوابس". رسالة العلماء في كلّ عصر أن يدركوا بوعي كامل هذه المسائل ... هذه الإِحتياجات، وهذا الفراغ الروحي والفكري والإِجتماعي، وأن يسعوا لمعالجتها بشكل صحيح كي لا يفسحوا المجال للاُطروحات المنحرفة أن تخترق الساحة وتملأ الفراغ وتقدّم الحلول الكاذبة. من المسائل التي تلمّسناها بوضوح عطش الجيل الراهن لدرك المفاهيم الإِسلاميّة والمسائل الدينيّة ـ وخلافاً لما يردّده اليائسون والمتشائمون ـ إنّ هذا الجيل لا يتوق إلى الفهم فحسب، بل يتلهف إلى التطبيق العملي لهذه المفاهيم والمسائل، ولمس المعطيات الدّينيّة من خلال العمل بها. من الواضح أنّ أمام هذا الجيل التوّاق مسائل غامضة ونقاط إبهام ومواضع استفهام كثيرة، والخطوة الاُولى لتلبية هذه الحاجات إعادة كتابة التراث العلمي والفكري الإِسلامي بلغة العصر، وتقديم كلّ هذه المفاهيم السامية عن طريق هذه اللغة إلى روح الجيل وعقله. والخطوة الاُخرى استنباط الإِحتياجات والمتطلّبات الخاصة بهذا الزمان