[23] وأنت خير المنزلين)(1). وهو سبحانه يأمرنا في هذه الآيات أن نشكر نعم الله تعالى، وأن نُسبّح الله عزَّوجلّ عند الإِستواء على ظهورها. فإذا تحوّل ذكر المنعم الحقيقي عند كلّ نعمة ينعم بها إلى طبع وملكة في الإنسان، فسوف لا يغرق في ظلمة الغفلة، ولا يسقط في هاوية الغرور، بل إنّ المواهب والنعم الماديّة ستكون له سلّماً إلى الله سبحانه! وقد ورد في سيرة الرّسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه ما وضع رجله في الركاب إلاّ وقال: "الحمد لله"، وإذا ما استوى على ظهر الدابّة فإنّه يقول: "الحمد لله على كلّ حال، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون"(2). وجاء في حديث آخر عن الإِمام الحسن المجتبى(عليه السلام)أنّه رأى رجلاً ركب دابّة فقال: سبحان الذي سخّر لنا هذا، فقال له: "ما بهذا أُمرت، أُمرت أن تقول: "الحمد لله الذي هدانا للإِسلام، الحمد لله الذي منّ علينا بمحمّد، والحمد لله الذي جعلنا من خير أمّة أخرجت للناس، ثمّ تقول: سبحان الذي سخّر لنا هذا"(3)، إشارة إلى أنّ الآية لم تأمر بأن يقال: سبحان الذي سخّر لنا هذا، بل أُمرت أوّلاً بذكر نعم الله العظيمة: نعمة الهداية إلى الإِسلام، نعمة نبوّة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، نعمة جعلنا في زمرة خير أُمّة، ثمّ تسبيح الله على تسخيره لما نركب! وممّا يستحقّ الإِنتباه أنّه يستفاد من الرّوايات أنّ من قال عند ركوبه: (سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون) فسوف لن يصاب بأذى بأمر الله! وقد روي هذا المطلب في حديث في الكافي عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)(4). ونكتشف من خلال ذلك البون الشاسع بين تعليمات الإِسلام البنّاءة هذه، وبين ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ المؤمنون، الآية 29. 2 ـ تفسير الفخر الرازي ، المجلد 27، صفحة 199 . 3 ـ المصدر السابق . 4 ـ نور الثقلين ، المجلد 4، صفحة 593 .