[20] والرطب، الشمس والقمر، الجنّة والنّار، إلاّ ذات الله المقدّسة فإنّها أحديّة، ولا سبيل للزوجيّة إليها أبداً. لكن كما قلنا، فإنّ القرائن الموجودة توحي بأنّ المراد هو "أزواج الحيوانات"، ونعلم أنّ قانون الزوجيّة سنّة حياتيّة في كلّ الكائنات الحيّة، والعيّنات النادرة الإِستثنائية لا تقدح بعموميّة هذا القانون. واعتبر البعض "الأزواج" بمعنى أصناف الحيوانات، كالطيور والدواب والمائيّات والحشرات وغيرها. وفي المرحلة الخامسة تبيّن الآيات آخر نعمة من هذه السلسلة، وهي المراكب التي سخّرها الله سبحانه للبشر لطيّ الطرق البريّة والبحريّة، فيقول سبحانه: (وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون). إنّ هذه النعمة هي إحدى مواهب الله سبحانه للبشر، وكراماته التي منّ بها عليهم، وهي لا تلاحظ في الأنواع الأُخرى من الموجودات، وذلك أنّ الله سبحانه قد حمل الإِنسان على المراكب التي تعينه في رحلاته البحريّة والصحراويّة، كما جاء ذلك في الآية (70) من سورة الإِسراء: (ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطيّبات وفضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلاً). والحقّ أنّ وجود هذه المراكب يضاعف أنشطة الإِنسان ويوسّع حياته عدّة أضعاف، وحتّى الوسائل السريعة السير التي نراها اليوم، والتي صنعت بالإِستفادة من مختلف خواصّ الموجودات، ووضعت تحت تصرّف الإِنسان، فإنّها من ألطاف الله الظاهرة، تلك الوسائل التي غيّرت وجه حياته، ومنحت كلّ شيء السرعة، وأهدت له كلّ أنواع الراحة. وتذكر الآية التالية الهدف النهائي لخلق هذه المراكب فتقول: (لتستووا على ظهوره ثمّ تذكروا نعمة ربّكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحانه الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين).