[591] القرآن، قبل نزوله وقبل تشريع الإسلام. أمّا كلمة الإيمان، فلو لا حظنا أن هذه الكلمة وردت بعد الكتاب، وبملاحظة الجمل الأُخرى الواردة بعدها في الآية، يتضح أن المقصود بها هو الإيمان بمحتوى هذا الكتاب السماوي وليس مطلق الإيمان، لذا لا يوجد أي تعارض مع ذكرناه، ولا يمكن أن تكون هذه الجملة وسيلة لذوي النفوس المريضة كي يستدلوا بها على نفي الإيمان بشكل مطلق عن الرّسول، وينكرون الحقائق التاريخية في هذا المجال. وقد ذكر بعض المفسّرين أجوبة اُخرى لهذا السؤال منها: أ ـ المقصود من الإيمان ليس الإعتقاد لوحده، بل مجموع الإعتقاد والإقرار باللسان والأعمال وهذا هو المقصود به في التعبير الإسلامي. ب ـ المقصود من الإيمان هو الإعتقاد بالتوحيد والرسالة، ونحن نعلم أن النّبي كان موحداً، إلاّ أنّه لم يكن يؤمن برسالته بعد. ج ـ المقصود من الإيمان هو أركان الإيمان التي لا يتوصل إليها الإنسان عن طريق العقل، والطريق الوحيد لذلك هو الأدلة النقلية (مثل العديد من خصوصيات المعاد). د ـ هناك محذوف في هذه الآية وفي التقدير: ما كنت تدري كيف تدعو الخلق إلى الإيمان(1). ولكن حسب اعتقادنا فإن المعنى الأوّل أفضل المعاني وأكثرها تلاؤماً مع محتوى الآية. 3ـ ملاحظة أدبية هناك كلام كثير حول الضمير في جملة: (لكن جعلناه نوراً) لمن يعود، ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ الآلوسي في روح المعاني، المجلد 25، ص55، وقد ذكر احتمالات اُخرى إلاّ أنّنا لم نذكرها لعدم أهميتها.