[493] القيامة، غير أنّ آخر هذه الآية، يشير إلى أنّ هذه الآيات جميعها تتحدّث عن الدنيا وعذاب الإستئصال، أو لحظة تسليم الروح، إذ يقول تعالى في الآية الأخيرة من هذا المقطع (وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فُعل بأشياعهم من قبل) وهذا التعبير لا ينسجم مع يوم القيامة. لأنّ الجميع يجمعون في ذلك اليوم للحساب، كما تشير إلى ذلك الآية (102) من سورة هود (ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود). وفي الآيتين 49 ـ 50 من سورة الواقعة أيضاً نقرأ (قل إنّ الأوّلين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم). وعليه فإنّ المقصود من جملة (اُخذوا من مكان قريب) هو أنّ هؤلاء الأفراد الكافرين والظالمين، ليس فقط لا يمكنهم الفرار من يد القدرة الإلهيّة فحسب، بل إنّ الله سبحانه وتعالى يأخذهم بالعذاب من مكان قريب منهم جدّاً. ألم يدفن الفراعنة في أمواج النيل الذي كان المصدر الأساس لفخرهم، ألم تنخسف الأرض بقارون وكنوزه، و "قوم سبأ" الذين مرّت بنا قصّتهم في هذه السورة ألم يحيق بهم الهلاك أقرب الأمكنة لهم، وهو ذلك السدّ العظيم الذي كان سبب عمران بلادهم وسبب حياتهم وحركتهم؟ لذا فإنّه الله يأخذ بالعذاب من أقرب الأماكن حتّى يُعلم مدى قدرته وسطوته. فأكثر السلاطين الظلمة قتلوا على أيدي أقرب أفراد حواشيهم، وأغلب المتسلّطين الجبابرة تلقّوا الضربة الأخيرة من داخل قصورهم. ولو لاحظنا ما ورد في الكثير من الروايات من طرق السنّة والشيعة، لرأينا أنّ لهذه الآية مصداقاً في أحاديث "السفياني" (مجموعة على خطّ أبي سفيان وعصارة عصر الجاهلية يخرجون على أتباع الحقّ في عصر ظهور المهدي (عليه السلام)). حيث أنّ السفياني وجيشه تخسف بهم الصحراء وسط الطريق إلى مكّة، وذلك في الحقيقة واحد من مصاديق الآية (واُخذوا من مكان قريب). حيث أنّهم وقعوا في