[482] المشورة بالخلط بين الأفكار الفردية والجماعية، فالإنسان يجب أن يتفكّر منفرداً وكذلك يستفيد من أفكار الآخرين، لأنّ الإستبداد بالرأي والفكر سبب للعجب، والتشاور والتعاون لأجل حلّ المشكلات العلمية ـ والذي لا يؤدّي إلى الغوغاء ـ سيعطي حتماً ـ أثراً أفضل، ويمكن أن يكون تقديم "مثنى" على "فرادى" في الآية لهذا السبب. 6 ـ الملفت للنظر أنّ القرآن الكريم يقول هنا "تتفكّروا" دون أن يذكر بماذا؟ فحذف المتعلّق دليل على العموم، أي في كلّ شيء، في الحياة المعنوية والمادية، في الاُمور الكبيرة والصغيرة. وبكلمة: في كلّ أمر يجب التفكّر أوّلا، وأهمّ من ذلك كلّه هو التفكّر للعثور على الإجابة للأسئلة الأربعة التالية: من أين جئت؟ لأي شيء أتيت؟ إلى أين أذهب؟ وأين أنا الآن؟ ولكن بعض المفسّرين ذهبوا إلى أن "تتفكّروا" تتعلّق بالجملة التي تليها وهي "ما بصاحبكم من جنّة" بمعنى أنّكم لو تفكّرتم قليلا لوجدتم أنّ الرّسول (صلى الله عليه وآله) منزّه عن إتّهامكم الواهي له بالجنون. والظاهر أنّ المعنى الأوّل أوضح. ومن البديهي أنّ من الاُمور التي يجب التفكّر بها هي مسألة النبوّة والصفات العالية التي كان يتمتّع بها شخص النّبي (صلى الله عليه وآله) دون أن تكون منحصرة بذلك. 7 ـ تعبير "صاحبكم" إشارة إلى الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وإنّه ليس نكرة بالنسبة لكم، فقد كان بينكم لسنوات طويلة. لقد عرفتموه بالأمانة والصدق والإستقامة، ولم تجدوا حتّى الآن نقطة ضعف واحدة في مسيرة حياته، لذا فعليكم بالإنصاف قليلا، فالتّهم التي تلصقونها به لا أساس لها جميعاً. 8 ـ "جنّة" بمعنى "جنون" وفي الأصل من مادّة "جن" بمعنى ستر الشيء عن الحاسّة، ومن كون أنّ (المجنون) سُتر عقله، فقد اُطلق عليه هذا التعبير، والجدير بالملاحظة هنا هو أنّ العبارة تريد الكشف عن هذه الحقيقة، وهي أنّ من يدعو إلى التفكّر والإنتباه كيف يكون هو مجنوناً، والحال أنّ مناداته بالتفكّر إنّما هي دليل